من يسكنها من عباده فقال (ولمن خاف مقام ربه جنتان) وإن لله مقاماً هو قائمه، وأن أهل الإيمان خافوا ذلك المقام فنصبوا ودأبوا الليل والنهار.
(ذلك) أي ما تقدم من إهلاك الظالمين وإسكان المؤمنين في مساكنهم (لمن خاف مقامي) أي موقفي، وذلك يوم الحساب فإنه موقف الله سبحانه، والمقام بفتح الميم مكان الإقامة وبالضم فعل الإقامة، وقيل إن المقام هنا مصدر بمعنى القيام، أي لمن خاف قيامى عليه ومراقبتي له كقوله تعالى (أفمن هو قائم على كل نفس بما كسبت) وقال الأخفش مقامي بمعنى عذابي.
(وخاف وعيد) أي خشي وعيدي بالعذاب، وقيل بالقرآن وزواجره، وقيل هو نفس العذاب الموعود للكفار، والوعيد اسم من الوعد، وهذه الآية تدل على أن الخوف من الله غير الخوف من وعيده لأن العطف يقتضي التغاير، قاله الكرخي.
(واستفتحوا) أي استنصروا بالله على أعدائهم أو سألوا الله القضاء بينهم من الفتاحة وهي الحكومة بين الخصمين، ومن الأول قوله (إن تستفتحوا فقد جاءكم الفتح) ومن الثاني قوله (ربنا افتح بيننا وبين قومنا) أي احكم، والضمير في استفتحوا للرسل، وقيل للكفار وقيل للفريقين وقيل لقريش لأنهم في سني الجدب استمطروا فلم يمطروا، وهو على هذا مستأنف والأول أولى، وقرئ استفتحوا بكسر التاء الثانية على لفظ الأمر، أمراً للرسل بطلب النصرة فنصروا وسعدوا وربحوا.
(وخاب) أي خسر وقيل هلك (كل جبار) هو المتكبر الذي لا يرى لأحد عليه حقاً، هكذا حكاه النحاس عن أهل اللغة.
وقيل من تجبر بنفسه بادعاء منزلة عالية لا يستحقها، وهو صفة ذم في


الصفحة التالية
Icon