(فأوحى إليهم) أي أومأ؛ وأشار، بدليل قوله في آل عمران: إلا رمزاً وقيل كتب لهم على الأرض، وبالأول قال الكلبي، والقرظي وقتادة وابن منبه وبالثاني، قال مجاهد: وقد يطلق الوحي على الكتابة. قال ابن عباس: كتب لهم كتاباً (أن سبحوا) مصدرية أو مفسرة، والمعنى فأوحى إليهم بأن صلوا؛ أو أي صلوا.
(بكرة وعشياً) أي نزهوا ربكم طرفي النهار؛ فهما ظرفا زمان للتسبيح. وانصرفت بكرة لأنه لم يقصد بها العلمية، فلو قصد بها العلمية امتنعت من الصرف، قال الفراء: العشي يؤنث، ويجوز تذكيره إذا أبهم، قال: وقد يقال: العشي جمع عشية قيل والمراد صلاة الصبح والعصر، وقيل المراد بالتسبيح هو قولهم سبحانه الله.
(يا يحيى) أي قال الله للمولود يا يحيى، أو ولد له مولود فبلغ المبلغ لذي يجوز أن يخاطب فيه. فقلنا له يا يحيى.
وقال الزجاج: المعنى فوهبنا له وقلنا له يا يحيى أي بعد ولادته بثلاث سنين على ما قاله قتادة، وقيل بسنتين يعني على لسان الملك كما قاله أبو حيان (خذ الكتاب) المراد به التوراة لأنه المعهود حينئذ، ويحتمل أن يكون كتاباً مختصاً به وإن كنا لا نعرفه الآن.
والمراد بالأخذ إما الأخذ الحسي، أو الأخذ من حيث المعنى، وهو القيام بما فيه كما ينبغي، وذلك بتحصيل ملكة تقضي سهولة الإقدام على المأمور به، والإحجام على المنهي عنه، ثم أكده بقوله (بقوة) أي متلبساً بجد، وعزيمة، واجتهاد قاله مجاهد.
(وآتيناه الحكم صبياً) المراد بالحكم الحكمة، وهي الفهم للكتاب الذي أمر بأخذه، وفهم الأحكام الدينية، وقيل هي العلم وحفظه والعمل


الصفحة التالية
Icon