قَالَ كَذَلِكِ قَالَ رَبُّكِ هُوَ عَلَيَّ هَيِّنٌ وَلِنَجْعَلَهُ آيَةً لِلنَّاسِ وَرَحْمَةً مِنَّا وَكَانَ أَمْرًا مَقْضِيًّا (٢١) فَحَمَلَتْهُ فَانْتَبَذَتْ بِهِ مَكَانًا قَصِيًّا (٢٢) فَأَجَاءَهَا الْمَخَاضُ إِلَى جِذْعِ النَّخْلَةِ قَالَتْ يَا لَيْتَنِي مِتُّ قَبْلَ هَذَا وَكُنْتُ نَسْيًا مَنْسِيًّا (٢٣) فَنَادَاهَا مِنْ تَحْتِهَا أَلَّا تَحْزَنِي قَدْ جَعَلَ رَبُّكِ تَحْتَكِ سَرِيًّا (٢٤) وَهُزِّي إِلَيْكِ بِجِذْعِ النَّخْلَةِ تُسَاقِطْ عَلَيْكِ رُطَبًا جَنِيًّا (٢٥)
(قال) جبريل (كذلك) أي الأمر هكذا من خلق غلام منك من غير أب (قال ربك هو) أي خلق ولدك بلا أب (عليّ هين) بأن ينفخ بأمري جبريل فيك فتحملي به، والجملة مستأنفة والكلام فيها كالكلام فيما تقدم من قول زكريا (و) خلقناه (لنجعله) أي هذا الغلام أو خلقه بلا أب (آية للناس) يستدلون بها على كمال القدرة على أنواع الخلق فإنه خلق آدم من غير ذكر ولا أنثى وخلق حواء من ذكر بلا أنثى، وخلق عيسى من أنثى بلا ذكر، وخلق بقية الخلق من ذكر وأنثى، قاله الكرخي.
(و) لنجعله (رحمة) عظيمة كائنة (منا) لمن آمن به لما ينالونه منه من الهداية والخير الكثير، لأن كل نبي رحمة لأمته (وكان) خلقه (أمراً مقضياً) به في علمي مقدراً محكوماً مفروغاً منه لا يرد ولا يبدل ولا يتغير مسطوراً في اللوح المحفوظ قد قدره الله سبحانه وجف به القلم.
(فحملته) أي الموهوب هاهنا كلام مطوي، والتقدير فاطمأنت إلى قوله فدنا منها فنفخ في جيب درعها وهو بعيد عنها فوصلت النفخة إلى بطنها فحملته وأحست في بطنها مصوراً؛ وكان سنها ثلاث عشرة سنة، أو عشراً، أو عشرين. أو ست عشرة سنة. وقيل كانت النفخة في ذيلها أو كمها، وقيل في فمها، وليس المراد أنه نفخ في فرجها مباشرة.
عن أبي بن كعب قال: تمثل روح عيسى في صورة بشر فحملته، قال:


الصفحة التالية
Icon