وَبَرًّا بِوَالِدَتِي وَلَمْ يَجْعَلْنِي جَبَّارًا شَقِيًّا (٣٢) وَالسَّلَامُ عَلَيَّ يَوْمَ وُلِدْتُ وَيَوْمَ أَمُوتُ وَيَوْمَ أُبْعَثُ حَيًّا (٣٣) ذَلِكَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ قَوْلَ الْحَقِّ الَّذِي فِيهِ يَمْتَرُونَ (٣٤) مَا كَانَ لِلَّهِ أَنْ يَتَّخِذَ مِنْ وَلَدٍ سُبْحَانَهُ إِذَا قَضَى أَمْرًا فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ (٣٥) وَإِنَّ اللَّهَ رَبِّي وَرَبُّكُمْ فَاعْبُدُوهُ هَذَا صِرَاطٌ مُسْتَقِيمٌ (٣٦) فَاخْتَلَفَ الْأَحْزَابُ مِنْ بَيْنِهِمْ فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ مَشْهَدِ يَوْمٍ عَظِيمٍ (٣٧) أَسْمِعْ بِهِمْ وَأَبْصِرْ يَوْمَ يَأْتُونَنَا لَكِنِ الظَّالِمُونَ الْيَوْمَ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ (٣٨) وَأَنْذِرْهُمْ يَوْمَ الْحَسْرَةِ إِذْ قُضِيَ الْأَمْرُ وَهُمْ فِي غَفْلَةٍ وَهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ (٣٩)
(وبراً بوالدتي) اقتصر على البر بوالدته لأنه قد علم في تلك الحال أنه لم يكن له أب وقرئ برأ بكسر الباء إما على حذف مضاف وإما على أنه مصدر وصف به مبالغة (ولم يجعلني جباراً شقياً) الجبار المتعظم الذي لا يرى لأحد عليه حقاً والشقي العاصي لربه. وقيل الخائب وقيل العاق. وقال ابن عباس: شقياً عصياً، أي بل أنا خاضع متواضع، ومن تواضعه أنه كان يأكل ورق الشجر ويجلس على التراب ولم يتخذ له مسكناً. روي أنه قال قلبي لين وأنا صغير في نفسي.
(والسلام) قال المفسرون: هو هنا بمعنى السلامة أي الأمان من الله (عليّ) والألف واللام فيه للعهد لأنه قد تقدم لفظه في قوله وسلام عليه أي ذلك السلام الموجه إلى يحيى موجه إليّ.
وقال الزمخشري: والصحيح أن يكون هذا التعريف تعريضاً باللعنة على متهمي مريم وأعدائها من اليهود وتحقيقه أن اللام للجنس، أي جنس السلام عليّ خاصة، فقد عَرض بأن ضده عليكم. ونظيره والسلام على من اتبع الهدى.
(يوم وُلدت) فلم يضرني الشيطان في ذلك الوقت بالطعن ولا أغواني


الصفحة التالية
Icon