والمأوى لكل حيوان مسكنه. والفتية هم أصحاب الكهف جمع فتى وهو الطرئ من الشباب، إظهار في مقام الإضمار للتنصيص على وصفهم وسنهم فكانوا في سن الشباب مُرْداً وكانوا سبعة خرجوا من مدينتهم خائفين على إيمانهم من قومهم الكفار حيث أمروهم بعبادة غير الله وكذلك ملك المدينة أمرهم بما ذكر، واسمه دقيانوس ومدينتهم اسمها أفسوس عند أهل الروم لأنها من مدائنهم واسمها عند العرب طرسوس.
فلما أمروهم بعبادة غير الله ذهب كل واحد منهم إلى بيت أبيه وأخذ منه زاداً ونفقة وخرجوا فارين هاربين حتى أووا إلى كهف في جبل قريب من المدينة فاختفوا فيه وصاروا يعبدون الله ويأكلون ويشربون ويبعثون أحداً منهم خفية ليشتري لهم الطعام من المدينة وهم خائفون من اطلاع أهل المدينة عليهم فيقتلوهم لعدم دخولهم في دينهم، فجلسوا يوماً بعد الغروب يتحدثون فألقى الله عليهم النوم وذلك قوله تعالى
(فضربنا على آذانهم) الخ كما سيأتي تفصيله.
(فقالوا ربنا آتنا من لدنك) أي من عندك (رحمة) التنوين إما للتعظيم أو للتنويع وتقديم من لدنك للاختصاص أي رحمة مختصة بأنها من خزائن رحمتك وجلائل فضلك وهي المغفرة في الآخرة والأمن من الأعداء والرزق في الدنيا (وهيئ لنا من أمرنا رشداً) أي أصلح لنا من قولك هيأت الأمر فتهيأ والمراد بِأَمْرِهِم الأمرُ الذي هم عليه وهو مفارقتهم للكفار، والرشد نقيض الضلال، ومن للابتداء ويجوز أن تكون للتجريد كما في قولك رأيت منك أسداً وتقديم المجرورَيْن للاهتمام بهما أي اجعل أمرنا رشداً أو يسر لنا طريق رضاك.