وفتح الخاء (ولا يظلمون شيئاً) أي لا ينقص من أجورهم شيء، وإن كان قليلاً، فإن الله سبحانه يوفي أجورهم إليهم
(جنات عدن) قرئ بالرفع على الابتداء وقرئ بالنصب على البدل من الجنة بدل البعض، لكون جنات عدن، بعضاً من الجنة، وعلى المدح أيضاً.
قال أبو حاتم: ولولا الخط لكان جنة عدن، يعني بالإفراد مكان الجمع وليس هذا بشيء، فإن الجنة اسم لمجموع الجنات التي هي بمنزلة الأنواع للجنس، وقرئ بصرف عدن؛ ومنعها عن الصرف، على أنها علم بمعنى العدن؛ وهو الإقامة أي بساتين إقامة وصفها بالدوام بخلاف جنات الدنيا فإنها لا تدوم، أو علم لأرض الجنة لكونها مقام إقامة.
(التي وعد) ها (الرحمن عباده) متلبسة أو متلبسين (بالغيب) والمعنى أنهم لا يرونها فهي غائبة عنهم، أو هم غائبون عنها (إنه) أي الرحمن، وقيل إنه ضمير الشأن والأمر لأنه مقام تعظيم وتفخيم (كان وعده) أي موعوده على العموم فيدخل فيه الجنات دخولاً أولياً، وقيل الوعد مصدر على بابه (مأتياً) أي هم يأتونها، قال الفراء: لم يقل آتياً لأن كل ما أتاك فقد أتيته، وكذا قال الزجاج، وقال الزمخشري: كان وعده مفعولاً لا منجزاً.
(لا يسمعون فيها لغواً) هو الهذر، والفضول من الكلام الذي يلغي ولا طائل تحته، وهو كناية عن عدم صدور اللغو منهم، وقيل اللغو كل ما لم يكن فيه ذكر الله (إلا سلاماً) هو استثناء منقطع أي سلام بعضهم على بعض أو سلام الله أو سلام الملائكة عليهم، وقال الزجاج: السلام اسم جامع للخير، لأنه يتضمن السلامة، والمعنى أن أهل الجنة لا يسمعون ما يؤلمهم؛ وإنما يسمعون ما يسلمهم؛ وأبدى الزمخشري فيه ثلاثة أوجه ذكرها سليمان الجمل.


الصفحة التالية
Icon