وانتصاب
(إلا تذكرة) على أنه مفعول له لأنزلنا، كقولك: ما ضربتك للتأديب إلا إشفاقاً عليك، وقال الزجاج: هو بدل لتشقى، أي ما أنزلناه إلا تذكرة، وأنكره أبو علي الفارسي من جهة أن التذكرة ليست الشقاء، قال: وإنما هو منصوب على المصدرية أي أنزلناه لتذكر به تذكرة أو على المفعول من أجله أي ما أنزلنا عليك القرآن لتشقى به ما أنزلناه إلا للتذكرة، وقيل الاستثناء منقطع لأن التذكرة ليست من جنس الشقاء المنفي أي لكن أنزلناه عظة.
(لمن يخشى) أي لمن خاف الله أو لمن يؤول أمره إلى الخشية أو لمن في قلبه خشية ورقة يتأثر بالإنزال. أو لمن علم الله أنه يخشى بالتخويف منه فإنه المنتفع، وكأنه يشير إلى أن اللام في لمن للعاقبة
(تنزيلاً ممن خلق الأرض والسماوات العلى) أي أنزلناه تنزيلاً، أو بدل من تذكرة، أو منصوب على المدح أو يخشى تنزيلاً من الله أو على الحال وبالرفع على معنى هذا تنزيل وتخصيص خلق الأرض والمسموات لكونهما أعظم ما يشاهده العباد من مخلوقاته عز وجل، والعلى جمع العليا أي المرتفعة كجمع كبرى وصغرى على كُبَر وصُغَر، وفي الآية إخبار لعباده عن كمال عظمته سبحانه وعظيم جلاله.
(الرحمن على العرش) هو في اللغة السرير، وقيل هو ما علا فأظل وسمي مجلس السلطان عرشاً اعتباراً بعلوه (استوى) استواء يليق به، قال ثعلب: الاستواء الإقبال على الشيء. وكذا قال الزجاج والفراء، وقيل هو كناية عن الملك والعز والسلطان، وأما استوى بمعنى استقر، فقد رواه البيهقي في كتاب الأسماء والصفات بروايات كثيرة عن جماعة من السلف وضعفها كلها.
وعن مالك: الاستواء غير مجهول والكيف غير معقول والإيمان به واجب والسؤال عنه بدعة؛ قال البغوي: أهل السنة يقولون الاستواء على العرش صفة الله بلا كيف يجب على الرجل الإيمان به ويكل العلم به إلى الله عز


الصفحة التالية
Icon