وانظر رسالته لبني إسرائيل من أين تؤخذ، قال بعضهم: تؤخذ من قوله: (وأنا اخترتك) أي للنبوة والرسالة، وخصه بالذكر لأن قومه تبع له، ثم علل ذلك بقوله.
(إنه طغى) أي عصى وتمرد وتكبر وكفر وتجبر وتجاوز الحد في كفره إلى ادعاء الإلهية.
(قال رب اشرح لي صدري) مستأنفة كأنه قيل فماذا قال موسى، ومعنى شرح الصدر توسيعه، تضرع عليه السلام إلى ربه وأظهر عجزه بقوله: " ويضيق صدري ولا ينطلق لساني "
(ويسر لي أمري) أي سهل عليّ ما أمرتني به من تبليغ الرسالة إلى فرعون، والتيسير معناه التسهيل.
قال الزمخشري: فإن قلت (لي) من قوله: (اشرح لي صدري ويسر لي أمري) ما جدواه، والكلام منتظم بدونه؟ قلت قد أبهم الكلام أولاً فقال: اشرح لي ويسر لي، فعلم أن ثم مشروحاً وميسراً، ثم بين ورفع الإبهام بذكرهما فكان آكد لطلب الشرح لصدره والتيسير لأمره، ويقال يسرت له كذا ومنه هذه الآية وتيسرته لكذا، ومنه فسنيسره لليسرى.
(واحلل عقدة من لساني) يعني العجمة التي كانت فيه من أثر الجمرة التي ألقاها في فيه وهو طفل، أي أطلق عن لساني العقدة التي فيه، قيل أذهب الله سبحانه تلك العقدة جميعها بدليل قوله: (قد أوتيت سؤلك يا موسى) وقيل لم تذهب كلها لأنه لم يسأل حل عقدة لسانه بالكلية، بل سأل حل عقدة تمنع الإفهام بدليل قوله من لساني، أي كائنة من عند لساني، ويؤيد ذلك قوله هو أفصح مني لساناً، وقوله حكاية عن فرعون ولا يكاد يبين.
وجواب الأمر قوله:
(يفقهوا قولي) أي لكي يفهموا كلامي عند تبليغ الرسالة، والفقه في كلام العرب الفهم، ثم خص به علم الشريعة، والعالم به فقيه. قاله الجوهري.
(واجعل لي وزيراً من أهلي) أي معيناً وظهيراً، والوزير الموازر


الصفحة التالية
Icon