والخشية هي خشية عقاب الله الموعود به على لسانهما، وكلمة أو لمنع الخلو دون الجمع، وفائدة إرسالهما والمبالغة عليهما في الاجتهاد مع علم الله بأنه لا يؤمن إلزام الحجة وقطع المعذرة وإظهار ما حدث في أضاعيف ذلك من الآيات.
(قالا ربنا إننا نخاف) أسند القول إليهما مع أن القائل حقيقة هو موسى تغليباً للإيذان بأصالته في كل قول وفعل، أو قاله هارون بعد ملاقاتهما، فحكى ذلك مع قول موسى عند نزول الآية؛ كما في قوله تعالى: (يا أيها الرسل كلوا من الطيبات) فإن هذا الخطاب قد حكي بصيغة الجمع مع أن كلاً من المخاطبين لم يخاطب إلا بطريق الانفراد ضرورة استحالة اجتماعهم في الوجود، فكيف باجتماعهم في الخطاب.
(أن يفرط) فرعون (علينا) بفتح الياء وضم الراء أي يَعْجَل ويبادر بعقوبتنا، قاله ابن عباس، يقال فَرَط منه أمر أي بَدَر، ومنه الفارط وهو الذي يتقدم القوم إلى الماء أي يعذبنا عذاب الفارط في الذنب وهو المتقدم فيه، كذا قال المبرد، وقال أيضاً: فرط منه أمر وأفرط أسرف وفرط ترك وقرئ يُفْرَط بضم الياء وفتح الراء أي يحمله حامل على التسرع إلينا، وقرأت طائفة من الإفراط أي يشتط في أذيتنا أي فلا يصبر إلى تمام الدعوة وإظهار المعجزة.
(أو أن يطغى) أي يعتدي قاله ابن عباس وإظهار كلمة (أن) مع استقامة المعنى بدونها لإظهار كمال الاعتناء بالأمر والإشعار بتحقق الخوف من كل منهما
(قال) تعالى (لا تخافا) ما توهمتماه من الأمرين ثم علل ذلك بقوله: (إنني معكما) بالنصر لكما والمعونة على فرعون (أسمع وأرى) أي أدرك ما يجري بينكما وبينه بحيث لا يخفى علي منه خافية، ولست بغافل عنكما فأفعل في كل حال ما يليق بكما من دفع ضرر وجلب نفع، وعن ابن جريج قال: أسمع ما يقول وأرى ما يجاوبكما به فأوحي إليكما فتُجَاوِبَاه.


الصفحة التالية
Icon