والجملة السادسة قوله:
(إنا قد أوحي إلينا) من جهة الله سبحانه (أن العذاب على من كذب) ما جئنا به (وتولى) أعرض عنه، والمراد بالعذاب الهلاك والدمار في الدنيا والخلود في النار، والمراد بالتكذيب التكذيب بآيات الله وبرسله والتولي الإعراض عن قبولها والإيمان بها. قال قتادة: كذب كتاب الله وتولى عن طاعته فأتياه وقالا جميع ما ذكر وسارعا إلى الامتثال من غير تلعثم.
(قال) فرعون لهما (فمن ربكما يا موسى؟) فأضاف الرب إليهما لما أن المُرْسِل لا بد أن يكون رباً للرسول أو لأنهما قد صرحا بربوبيته تعالى للكل، ولم يضفه إلى نفسه لعدم تصديقه لهما ولجحده للربوبية وغاية عتوه ونهاية طغيانه، وخص موسى بالنداء لكونه الأصل في الرسالة. وقيل لمطابقة رؤوس الآي والأول أولى.
(قال) موسى مجيباً له: (ربنا الذي أعطى كل شيء خلقه) الذي هو عليه متميز به عن غيره؛ قرئ بفتح اللام على أنه فعل وبسكون اللام، والمعنى أعطى كل شيء صورته وشكله الذي يطابق بالمنفعة المنوطة به المطابقة له كاليد للبطش والرجل للمشي واللسان للنطق والعين للنظر والأذن للسمع، كذا قال الضحاك وغيره. قال الحسن وقتادة: أعطى كل شيء صلاحه وهداه لما يصلحه. وقال مجاهد: المعنى لم يخلق خلق الإنسان في خلق البهائم، ولا خلق البهائم في خلق الإنسان، ولكن خلق كل شيء فقدره تقديراً. ومنه قول الشاعر:
وله في كل شيء خلقه... وكذلك الله ما شاء فعل
وقال الفراء: المعنى خلق للرجل المرأة ولكل ذكر ما يوافقه من الإناث أو المعنى أعطى خلقه كل شيء يحتاجون إليه ويرتفقون به، ومعنى (ثم


الصفحة التالية
Icon