الكلام المحكي عن موسى، وإنما التفت إلى التكلم للتنبيه على ظهور ما فيه من الدلالة على كمال القدرة والحكمة وإيذاناً بأنه مطاع تنقاد الأشياء المختلفة لمشيئته، ونوقش بأن هذا خلاف الظاهر مع استلزامه فوت الالتفات لعدم اتحاد المتكلم، ويجاب عنه بأن الكلام كله محكي عن واحد وهو موسى، والحاكي للجميع هو الله سبحانه. والمعنى فأخرجنا بذلك الماء بسبب الحرث، والمعالجة.
(أزواجاً من نبات شتى) أي ضروباً وأشباهاً من أصناف النبات المختلفة الألوان والطعوم والروائح والمنافع، فمنها ما هو للناس، ومنها ما هو للدواب، سميت بذلك لازدواجها، واقتران بعضها ببعض.
والنبات مصدر سمي به النابت، فاستوى فيه الواحد والجمع، وشتى جمع شتيت وزنه فعلَى وألفه للتأنيث.
وقال الأخفش: التقدير أزواجاً شتى من نبات، يقال أمر شَتٌّ، أي متفرق وَشَتَّ الأمر شتاً يَشِتُ شتاً وشتاتاً تفرق واشْتَثَّ مثله، والشتيت المتفرق، وشتَّان اسم فعل ماض بمعنى افترق، ولذلك لا يكتفي بواحد، قاله السمين، قال ابن عباس: شيء مختلف.
(كلوا وارعوا أنعامكم) أي قائلين لهم ذلك والأمر للإباحة وتذكير النعمة والجملة حال، يقال رعت الماشية الكلأ ورعاها صاحبها رعاية، أي أسامها وسرحها، يجئ لازماً ومتعدياً، والأنعام جمع نعم وهي الإبل والبقر والغنم. والمعنى مُعديها لانتفاعكم بالأكل والعلف آذنين فيه.
(إن في ذلك) الإشارة إلى ما تقدم ذكره في هذه الآيات (لآيات) أي لعبر (لأولي النهى) جمع نُهْيَة وهي العقل، وسمي به لأنه ينهي صاحبه عن ارتكاب القبائح، وقيل: إنه اسم مفرد وهو مصدر كالهدى والسرى، قاله


الصفحة التالية
Icon