وفي حديث في السنن أنه أخذ قبضة من التراب فألقاها في القبر وقال: " منها خلقناكم -ثم أخرى- وقال: وفيها نعيدكم -ثم أخرى- وقال: ومنها نخرجكم تارة أخرى ".
(ولقد أريناه) الرؤية بصرية أي أَبْصَرْنا فرعون وَعَرَّفْناه (آياتنا كلها) المراد بها الآيات التسع المذكورة في قوله ولقد آتينا موسى تسع آيات، على أن الإضافة للعهد، وهي العصا واليد والسنين ونقص الثمرات والطوفان والجراد والقمل والضفادع والدم وطمس الأموال والشد على القلوب.
وقال أبو السعود: هي العصا واليد وصيغة الجمع مع كونهما اثنتين باعتبار ما في تضاعيفهما من بدائع الأمور التي كل منها آية بينة لقوم يعقلون انتهى، وهذا مبني على أن هذا إخبار عما وقع له مع فرعون في أول دعائه له، وليس كذلك بل هذا إخبار عن جملة ما وقع له في مدة دعائه له، وهي عشرون سنة؛ وأن هذا من جملة الكلام المعْتَرَض به في أثناء القصة، وقيل: المراد جميع الآيات التي جاء بها موسى والتي جاء بها غيره من الأنبياء وأن موسى قد كان عرفه جميع معجزاته؛ ومعجزات سائر الأنبياء، والأول أولى، وقيل المراد بها حجج الله سبحانه الدالة على توحيده.
(فكذب) فرعون بها أو بموسى، وزعم أنها سحر (وأبى) عليه أن يجيبه إلى الإيمان وأن يوحد الله، وهذا يدل على أن كفر فرعون كفر عناد لأنه رأى الآيات وكذب بها كما في قوله: (وجحدوا بها واستيقنتها أنفسهم ظلماً وعلواً).
(قال أجئتنا لتخرجنا من أرضنا؟) مستأنفة مرتبة على جواب موسى؛ والهمزة للإنكار لما جاء به موسى من الآيات أي جئت يا موسى لتوهم الناس بأنك نبي يجب عليهم اتباعك، والإيمان بما جئت به حتى تتوصل بذلك الإيهام الذي هو شعبة من السحر إلى أن تَغْلِب على أرضنا، يعني مصر وتخرجنا منها، ويكون لك الملك فيها وإنما ذكر الملعون الإخراج من الأرض


الصفحة التالية
Icon