كذب كان
(فتنازعوا) أي السحرة (أمرهم بينهم) لما سمعوا كلام موسى تناظروا وتشاوروا في أمر موسى وأخيه وتجاذبوا أطراف الكلام في ذلك أي هل هما ساحران أو رسولان؟ (وأسروا النجوى) أي من موسى وكانت نجواهم هي قولهم الآتي: أن هذان لساحران.
وقيل إنهم تناجوا فيما بينهم، فقالوا إن كان ما جاء به موسى سحراً فسنغلبه وإن كان من عند الله فسيكون له أمر.
وقيل الذي أسروه أنه إذا غلبهم اتبعوه، قاله الفراء والزجاج، وقيل الذي أسروه أنهم لما سمعوا قول موسى ويلكم لا تفتروا على الله كذباً قالوا: ما هذا بقول ساحر، والنجوى المناجاة يكون اسماً ومصدراً.
(قالوا) لأنفسهم أي قال بعضهم لبعض سراً، وحاصل ما قالوه ست جمل أولها قولهم: (إن هذان لساحران) وآخرها قولهم: (وقد أفلح اليوم من استعلى) وقرئ إن هذين وروي هذا عن عثمان وعائشة وغيرهما من الصحابة، وبها قرأ الحسن والنخعي وغيرهما من التابعين وهذه موافقة للإعراب الظاهر مخالفة لرسم المصحف فإنه مكتوب بالألف، وقرئ إن هذان بتخفيف إن على أنها نافية، وهذه موافقة للرسم وللإعراب.
وقرأ أهل المدينة والكوفة إنَّ هذان بتشديد إن وبالألف فوافقوا الرسم وخالفوا الإعراب الظاهر.
وقد تكلم جماعة من أهل العلم في توجيه هذه القراءة وقد استوفى ذلك ابن الأنباري والنحاس، فقيل إنها لغة بني الحرث بن كعب ومراد وخثعم وكنانة يجعلون رفع المثنى ونصبه وجره بالألف أي في أحواله الثلاث، وبه صرح سيبويه والأخفش وأبو زيد والكسائي والفراء.
وقيل: إن بمعنى نعم هاهنا قاله عاصم، قال النحاس: رأيت الزجاج


الصفحة التالية
Icon