وقيل هو ما أخذوه من آل فرعون لما قذفهم البحر إلى الساحل. وسميت أوزاراً أي آثاماً لأنه لا يحل لهم أخذها ولا تحل لهم الغنائم في شريعتهم، والأوزار في الأصل الأثقال كما صرح به أهل اللغة، والمراد بالزينة هنا الحلى (فقذفناها) أي طرحناها في النار طلباً للخلاص من إثمها، وقيل المعنى طرحناها إلى السامري لتبقى لديه حتى يرجع موسى فيرى فيها رأيه.
(فكذلك ألقى السامري) أي فمثل ذلك القذف ألقاها السامري، قيل إنه قال لهم حين استبطأ القوم رجوع موسى. إنما احتبس عنكم لأجل ما عندكم من الحلى فجمعوه ودفعوه إليه فرمى به في النار وصاغ لهم منه عجلاً، ثم ألقى عليه قبضة من أثر الرسول، وهو جبريل.
(فأخرج لهم) السامري من الحفرة، وهذا من كلامه تعالى: (عجلاً) صاغه من الحلى في ثلاثة أيام (جسداً) أي حال كونها جسداً أي صائرة جسداً، أي دماً ولحماً، والجسد جمعه أجساد.
قال في البارع: لا يقال الجسد إلا للحيوان العاقل، وهو الإنسان والملائكة والجن، ولا يقال لغيره جسد إلا للزعفران، وللذم إذا يبس أيضاً جسد وجاسد والمعنى أخرج لهم عجلاً ذا جثة على التشبيه بالعاقل.
(له خوار) صوت يسمع، أي يخور كما يخور الحي من العجول، والخوار صوت البقر؛ وقيل خواره كان بالريح لأنه كان عمل فيه خروقاً فإذا دخلت الريح في جوفه خار، ولم تكن فيه حياة.
(فقالوا) أي السامري ومن وافقه بادئ الرأي (هذا إلهكم وإله موسى فنسي) أي فضل موسى ولم يعلم مكان إلهه هذا، وذهب يطلبه في الطور، وهذا يقتضي أنهم جعلوا العجل إلهاً يعبدونه لذاته، لا لتقريبه لهم من الله تعالى. وقيل المعنى فنسي موسى أن يذكر لكم أن هذا إلهه وإلهكم. قاله ابن عباس وقيل الناسي هو السامري؛ أي ترك السامري ما أمر به موسى من الإيمان وضل كذا قال ابن الأعرابي.


الصفحة التالية
Icon