يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَلَا يُحِيطُونَ بِهِ عِلْمًا (١١٠) وَعَنَتِ الْوُجُوهُ لِلْحَيِّ الْقَيُّومِ وَقَدْ خَابَ مَنْ حَمَلَ ظُلْمًا (١١١) وَمَنْ يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحَاتِ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَا يَخَافُ ظُلْمًا وَلَا هَضْمًا (١١٢) وَكَذَلِكَ أَنْزَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا وَصَرَّفْنَا فِيهِ مِنَ الْوَعِيدِ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ أَوْ يُحْدِثُ لَهُمْ ذِكْرًا (١١٣)
وحاصل هذا التفسير أنه كل من قال في الدنيا لا إله إلا الله، أي كان مسلماً ومات على الإسلام وإن عمل السيئات
(يعلم ما بين أيديهم) من أمور الساعة والآخرة (وما خلفهم) من أمور الدنيا، والمراد جميع الخلق. وقيل المراد بهم الذين يتبعون الداعي. وقيل الضمير للشافعين، وقال ابن جرير: يرجع إلى الملائكة أعلم الله من يعبدها أنها لا تعلم ما بين أيديها وما خلفها، والعموم أولى (ولا يحيطون به علماً) أي بالله سبحانه لا تحيط علومهم بذاته ولا بصفاته ولا بمعلوماته.
وقيل الضمير راجع إلى ما في الموضعين، فإنهم لا يعلمونّ جميع ذلك
(وعنت الوجوه للحي القيوم) أي ذلت وخضعت. قاله ابن الأعرابي وعن ابن عباس وقتادة مثله. وقال مجاهد: خشعت. وقال أبو العالية: خضعت، وعن ابن عباس قال: وعنت الوجوه: الركوع والسجود، قال الزجاج: معنى عَنَتْ في اللغة خضعت، يقال عنا يعنو عنواً إذا خضع وذل وأعناه غيره؛ أي أذله، ومنه قيل للأسير عانٍ والجمع عناة؛ وقيل هو من العناء بمعنى التعب، وذكر الوجوه وأراد بها أصحابها، وخص الوجوه بالذكر لأن الخضوع بها يتبين وأول ما يظهر فيها؛ ثم قسمها إلى قسمين بقوله:
(وقد خاب من حمل ظلماً) أي خسر من حمل شيئاً من الظلم، وقيل هو الشرك، وبه قال ابن جريج وقتادة.
وقوله
(ومن يعمل من) الأعمال (الصالحات) الطاعات (وهو)


الصفحة التالية
Icon