بشيء، وقرئ فَنُسِّيَ بضم النون وتشديد السين مكسورة أي فنساه إبليس. قال ابن عباس: إنما سمي الإنسان لأنه عهد إليه فنسي أي لقد عهدنا إلى آدم أن لا يقرب الشجرة فنسي فترك عهدي (ولم نجد) من الوجدان بمعنى العلم أو من الوجود ضد العدم (له عزماً) أي حزماً وصبراً عما نهيناه عنه أو حفظاً قاله ابن عباس، والعزم في اللغة توطين النفس على الفعل والتصميم عليه والمضي على المعتقد في أي شيء كان، وقد كان آدم عليه السلام قد وطن نفسه على أن لا يأكل من الشجرة وصمم على ذلك فلما وسوس إليه إبليس لانت عريكته وفتر عزمه وأدركه ضعف البشر، وقيل العزم: الصبر كما مر أي لم نجد له صبراً عن أكل الشجرة.
قال النحاس: وهو كذلك في اللغة يقال: لفلان عزم أو صبر وثبات على التحفظ عن المعاصي حتى يسلم منها، ومنه (كما صبر أولوا العزم من الرسل)، وقيل المعنى ولم نجد له عزماً على الذنب، وبه قال ابن كيسان، وقيل ولم نجد له رأياً معزوماً عليه، وبه قال ابن قتيبة.
ثم شرع سبحانه في كيفية ظهور نسيانه وفقدان عزمه فقال:
(وإذ قلنا للملائكة اسجدوا لآدم) أي اذكر، وتعليق الذكر بالوقت مع أن المقصود ذكر ما فيه من الحوادث للمبالغة لأنه إذا وقع الأمر بذكر الوقت كان ذكر ما فيه من الحوادث لازماً بطريق الأولى كررت هذه القصة في سبع سور من القرآن لسر يعلمه الله وبعض خلقه.
(فسجدوا إلا إبليس) وهو أبو الجن كان يصحب الملائكة ويعبد الله معهم فالاستثناء منقطع، وقيل متصل، والأول أولى (أبى) أن يسجد لآدم وقال أنا خير منه
(فقلنا يا آدم إن هذا) يعني إبليس (عدو لك ولزوجك) أي حواء بالمد حيث لم يسجد لك ولم ير فضلك، وسبب العداوة ما رأى من آثار نعمة الله على آدم فحسده فصار عدواً له.
(فلا يخرجنكما من الجنة) أسند الخروج إليه وإن كان الله تعالى هو


الصفحة التالية
Icon