المخرج لأنه لما كان يوسوسه وفعل آدم ما يترتب عليه الخروج صح ذلك (فتشقى) الشقاء الشدة والعسر ويمد ويقصر يقال: شقي كرَضي شقاوة، والمعنى فتتعب في تحصيل ما لا بد منه في المعاش وتنصب ويكونَ عيشك من كدِّ يمينك بعرق جبينك وهو الحرث والزرع والطحن والخبز ولم يقل فتشقياً لأن الكلام من أول القصة مع آدم وحده أو أن في ضمن شقاء الرجل شقاء أهله كما أن في سعادته سعادتهم لأنه القيم عليهم أو أريد بالشقاء التعب في طلب القوت وذلك على الرجل دون المرأة لأن الرجل هو الساعي على زوجته، ثم علل ما يوجبه ذلك النهي بما فيه الراحة الكاملة عن التعب والاهتمام فقال:
(إن لك ألا تجوع فيها ولا تعرى) المعنى أن لك فيها تمتعاً بأنواع المعاش وتنعماً بأصناف النعم من الآكل الشهية والملابس البهية، فإنه لا نُفي عنه الجوع والعري أفاد ثبوت الشبع والاكتساء له وهكذا قوله:
(وإنك لا تظمأ فيها ولا تضحى) فإن نفي الظمأ يستلزم حصول الرِّيِّ ووجود المسكن الذي يدفع عنه مشقة الضحو يقال: ضحى الرجل يضحي ضحواً إذا برز للشمس فأصابه حرها وعن ابن عباس قال: لا يصيبك فيها عطش ولا حر إذ ليس فيها شمس وأهلها في ظل ممدود فذكر سبحانه هاهنا أنه قد كفاه الاشتغال بأمر المعاش، وتعب الكد في تحصيله.
ولا ريب أن أصول المتاعب في الدنيا التي يدور عليها كفاية الإنسان هي تحصيل الشبع والري والكسوة والسكن وما عدا هذه ففضلات يمكن البقاء بدونها وهو إعلام من الله سبحانه لآدم أنه إن أطاعه فله في الجنة هذا كله وأن ضيع وصيته ولم يحفظ عهده أخرجه من الجنة إلى الدنيا فيحل به التعب والنصب بما يدفع به الجوع والعري والظمأ والضحو فالمراد على هذا بالشقاء المتقدم شقاء الدنيا كما قاله كثير من المفسرين لا شقاء الأخرى.
قال الفراء: هو أن يأكل من كد يديه، قال الصفوي: قابل سبحانه وتعالى بين الجوع والعري والظمأ والضحو؛ وإن كان الجوع يقابل العطش،


الصفحة التالية
Icon