معترفون بصدقها وصحتها وفيها ما يدفع إنكارهم لنبوته ويبطل تعنتاتهم وتعسفاتهم، وقيل المعنى أو لم يأتهم إهلاكنا للأمم الذين كفروا واقترحوا الآيات فما يؤمنهم إن أتتهم الآيات التي اقترحوها أن يكون حالهم كحالهم.
وقيل: المراد أو لم تأتهم آية هي من الآيات وأعظمها في باب الإعجاز؟ يعني القرآن فإنه برهان لما في سائر الكتب المنزلة، قالوا: وعاطفة على مقدر يقتضيه المقام كأنه قيل ألم تأتهم سائر الآيات ولم تأتهم خاصة بينة ما في الصحف الأولى تقريراً لإتيانه وإيذاناً بأنه من الوضوح بحيث لا يأتي معه إنكار أصلاً.
قرئ أو لم يأتهم بالتحتية لأن معنى البينة البيان والبرهان.
(ولو أنا أهلكناهم) مستأنفة سيقت لتقرير ما قبلها (بعذاب من قبله) أي من قبل بعثة محمد ﷺ أو من قبل إتيان البينة بنزول القرآن (لقالوا) يوم القيامة أي لكان لهم أن يحتجوا ويتعللوا بقولهم:
(ربنا لولا) هلاًّ (أرسلت إلينا رسولاً) في الدنيا (فنتبع آياتك) اللاتي يأتي بها الرسول (من قبل أن نذل) بالعذاب والهوان في الدنيا (ونخزى) بدخول النار، وقرئ نُذَلّ وَنُخْزَى على البناء للمفعول وقد قطع الله معذرة هؤلاء الكفرة بإرسال الرسول إليهم قبل إهلاكهم، ولهذا حكى الله عنهم أنهم قالوا: (بلى قد جاءنا نذير فكذبنا وقلنا ما نزل الله من شيء).
(قل) لهم يا محمد (كلٌّ) أي كل واحد منا ومنكم (متربص) أي منتظر لما يؤول إليه الأمر (فتربصوا) أنتم (فستعلمون) عن قريب (من أصحاب الصراط السوي) أي الطريق المستقيم (ومن اهتدى) من الضلالة، ونزع عن الغواية، أنحن أم أنتم؟ قال النحاس والفراء: نذهب إلى أن معنى مَنْ أصحاب الصراط السوي من لم يضل، ومعنى: من اهتدى من ضل ثم اهتدى، ومن في الموضعين استفهامية أو موصولة.


الصفحة التالية
Icon