مَا آمَنَتْ قَبْلَهُمْ مِنْ قَرْيَةٍ أَهْلَكْنَاهَا أَفَهُمْ يُؤْمِنُونَ (٦) وَمَا أَرْسَلْنَا قَبْلَكَ إِلَّا رِجَالًا نُوحِي إِلَيْهِمْ فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ (٧) وَمَا جَعَلْنَاهُمْ جَسَدًا لَا يَأْكُلُونَ الطَّعَامَ وَمَا كَانُوا خَالِدِينَ (٨) ثُمَّ صَدَقْنَاهُمُ الْوَعْدَ فَأَنْجَيْنَاهُمْ وَمَنْ نَشَاءُ وَأَهْلَكْنَا الْمُسْرِفِينَ (٩) لَقَدْ أَنْزَلْنَا إِلَيْكُمْ كِتَابًا فِيهِ ذِكْرُكُمْ أَفَلَا تَعْقِلُونَ (١٠)
(ما آمنت قبلهم) أي قبل مشركي مكة (من) أهل (قرية أهلكناها) أي أهلكنا أهلها بتكذيبهم، أو أهلكناها بإهلاك أهلها، وفيه بيان أن سنة الله في الأمم السالفة أن المقترحين إذا أعطوا ما اقترحوه، ثم لم يؤمنوا نزل بهم عذاب الاستئصال لا محالة ومن مزيدة للتوكيد، والمعنى ما آمنت قرية من القرى التي أهلكناها بسبب اقتراحهم قبل هؤلاء؛ فكيف نعطيهم ما اقترحوا وهم أسوة من قبلهم.
(أفهم يؤمنون) الهمزة للتقريع والتوبيخ، والمعنى أن لم تؤمن أمة من الأمم اْلمُهْلَكة عند إعطاء ما اقترحوا فكيف يؤمن هؤلاء لو أعطوا ما اقترحوا قال قتادة: قال أهل مكة للنبي صلى الله عليه وسلم: إذا كان ما تقوله حقاً ويسرك أن نُؤمن فحوّل لنا الصفا ذهباً، فأتاه جبريل فقال: إن شئت كان الذي سألك قومك ولكنه إن كان ثُمَّ لم يؤمنوا لم يُنْظروا، وإن شئت استأنيت بقومك قال: " بل أَسْتَأْنِي بقومي "، فأنزل الله (ما آمنت قبلهم) الآية.
ثم أجاب الله سبحانه عن قولهم: (هل هذا إلا بشر مثلكم) بقوله:
(وما أرسلنا) أي لم نرسل (قبلك) إلى الأمم السالفة " إلا رجالاً " من البشر مخصوصين من أفراد جنسك متأهلين للاصطفاء والإرسال، ولم نرسل اليهم ملائكة، كما قال سبحانه: (قل لو كان في الأرض ملائكة يمشون مطمئنين لنزلنا عليهم من السماء ملكاً رسولاً).


الصفحة التالية
Icon