أجساد غير طاعمين (وما كانوا خالدين) بل يموتون كما يموت غيرهم من البشر في الدنيا، وقد كانوا يعتقدون أن الرسل لا يموتون، فأجاب الله عليهم بهذا.
(ثم صدقناهم الوعد) أي أوحينا إليهم ما أوحينا، ثم أنجزنا وعدهم الذي وعدناهم بإنجائهم وإهلاك من كذبهم، ولذا قال سبحانه: (فأنجيناهم ومن نشاء) من عبادنا المؤمنين الذين صدقوهم، والمراد إنجاؤهم من العذاب وإهلاك من كفر بالعذاب الدنيوي.
(وأهلكنا المسرفين) أي المجاوزين للحد في الكفر والمعاصي وهم المشركون
(ولقد أنزلنا إليكم) يا معشر قريش (كتاباً) عظيم الشأن نير البرهان، يعني القرآن (فيه ذكركم) كلام مستأنف مسوق لتحقيق أحقية القرآن الذي ذكر في صدر السورة إعراضهم عما يأتيهم منه، والمراد بالذكر هنا الشرف، أي فيه شرفكم، قاله ابن عباس، كقوله: وأنه لذكر لك ولقومك، أي فيه ما يوجب الثناء عليكم لكونه بلسانكم نازلاً بين أظهركم على لسان رسول منكم، واشتهاره سبب لاشتهاركم، وجعل ذلك فيه مبالغة في سببيته له.
وقيل أي ذكر أمر دينكم وأحكام شرعكم وما تصيرون إليه من ثواب أو عقاب، وقيل فيه حديثكم، قاله مجاهد والحسن.
وقيل مكارم أخلاقكم وقيل صيتكم، وقيل فيه تذكرة لكم لتحذروا، فيكون الذكر بمعنى الوعد والوعيد، وقيل فيه موعظتكم، قال أبو السعود: وهو الأنسب بسياق النظم الكريم ومساقه فإن قوله:
(أفلا تعقلون) إنكار توبيخي فيه بعث لهم على التدبر في أمر الكتاب والتأمل فيما في تضاعيفه من فنون المواعظ والزواجر التي من جملتها القوارع السابقة واللاحقة، والفاء للعطف على مقدر ينسحب عليه الكلام، أي ألا تتفكرون فلا تعقلون إن الأمر كذلك، أو لا تعقلون شيئاً من الإشياء التي من جملتها ما ذكر؟ ثم أوعدهم وحذرهم ما جرى على الأمم المكذبة فقال:


الصفحة التالية
Icon