وَكَمْ قَصَمْنَا مِنْ قَرْيَةٍ كَانَتْ ظَالِمَةً وَأَنْشَأْنَا بَعْدَهَا قَوْمًا آخَرِينَ (١١) فَلَمَّا أَحَسُّوا بَأْسَنَا إِذَا هُمْ مِنْهَا يَرْكُضُونَ (١٢) لَا تَرْكُضُوا وَارْجِعُوا إِلَى مَا أُتْرِفْتُمْ فِيهِ وَمَسَاكِنِكُمْ لَعَلَّكُمْ تُسْأَلُونَ (١٣) قَالُوا يَا وَيْلَنَا إِنَّا كُنَّا ظَالِمِينَ (١٤) فَمَا زَالَتْ تِلْكَ دَعْوَاهُمْ حَتَّى جَعَلْنَاهُمْ حَصِيدًا خَامِدِينَ (١٥) وَمَا خَلَقْنَا السَّمَاءَ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا لَاعِبِينَ (١٦) لَوْ أَرَدْنَا أَنْ نَتَّخِذَ لَهْوًا لَاتَّخَذْنَاهُ مِنْ لَدُنَّا إِنْ كُنَّا فَاعِلِينَ (١٧) بَلْ نَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلَى الْبَاطِلِ فَيَدْمَغُهُ فَإِذَا هُوَ زَاهِقٌ وَلَكُمُ الْوَيْلُ مِمَّا تَصِفُونَ (١٨)
(وكم قصمنا من قرية كانت ظالمة) (كم) هي الخبرية المفيدة للتكثير والقصم كسر الشيء ودقه، يقال قصمت ظهر فلان إذا كسرته، واقتصمتْ سنّه إذا انكسرت، والمعنى هنا الإهلاك والعذاب.
وأما الفصم بالفاء فهو الصدع في الشيء من غير بينونة، أي وكم قصمنا من أهل قرية كانوا ظالمين، أي كافرين بالله مكذبين بآياته، والظلم في الأصل وضع الشيء في غير موضعه، وهم وضعوا الكفر في موضع الإيمان.
قال ابن عباس: بعث الله نبياً من حمير يقال له شعيب، فوثب إليه عبد فضربه بعصا، فسار إليهم بختنصر فقاتلهم فقتلهم حتى لم يبق منهم شيء، وفيهم أنزل الله: (وكم قصمنا -إلى قوله- خامدين).
وعن الكلبي في الآية قال: هي " حضور " بني أزد باليمن، فيكون التكثير باعتبار أفراد تلك القرية.
(وأنشأنا بعدها) أي أوجدنا وأحدثنا بعد إهلاك أهلها (قوماً آخرين) ليسوا منهم
(فلما أحسوا بأسنا) أي أدركوا وشعروا ورأوا عذابنا