بحاسة البصر وقال الأخفش: خافوا وتوقعوا. والبأس العذاب الشديد.
(إذا هم منها يركضون) أي يسرعون هاربين ويهربون مسرعين من قريتهم لما رأوا مقدمة العذاب، أو من بأسنا لأنه في معنى النقمة والبأساء، فأنث الضمير حملاً على المعنى، ومن على الأول لابتداء الغاية وللتعليل على الثاني، والركض الفرار والهرب والانهزام، وأصله من ركض الرجل الدابة برجليه، يقال رَكَضَ الْفَرَس إذاْ كَدًه بساقيه، ثم كثر حتى قيل: ركض الفرس إذا عَدَا، ومنه (ارْكُضْ بِرِجْلِك) والمعنى أنهم يهربون منها راكضين دوابهم، فقيل لهم.
(لا تركضوا) أي لا تهربوا، قيل أن الملائكة نادتهم بذلك عند فرارهم وقيل: أن القائل لهم ذلك من هنالك من المؤمنين استهزاء بهم وسخرية منهم (وارجعوا إلى ما أترفتم) يعني ما تنعمتم (فيه) من الدنيا ولين العيش، يعني إلى نعمكم التي كانت سبب بطركم وكفركم، والمترف المنعم، يقال أترف فلان أي وسع عليه في معاشه، وقل فيه همه.
وقال سعيد بن جبير: ارجعوا إلى دوركم وأموالكم (ومساكنكم) التي تسكنونها وتفتخرون بها (لعلكم تسألون) أي تقصدون للسؤال والتشاور والتدبير في المهمات، وهذا على طريقة التهكم بهم والتوبيخ لهم.
وقيل: المعنى لعلكم تسألون عما نزل بكم وجرى عليكم من العقوبة فتخبرون السائل عن علم ومشاهدة. وقيل: لعلكم تسألون أن تؤمنوا كما كنتم تسئلون ذلك قبل نزول العذاب بكم، أو تسئلون شيئاً من دنياكم على العادة فتعطون من شئتم وتمنعون من شئتم، فإنكم أهل نعمة وثروة؛ وهذا كله توبيخ وتهكم بهم وقيل غير ذلك.
قال المفسرون وأهل الأخبار: أن المراد بهذه الآية أهل حضور من اليمن وكان أهلها عرباً، وكان الله سبحانه قد بعث إليهم نبياً اسمه شعيب بن مهدم. وقبره بجبل من جبال اليمن يقال له صنين، وبينه وبين حضور نحو


الصفحة التالية
Icon