ومساكنكم، فرجعوا فسمعوا صوت مناد يقول: يا لثارات النبي فقتلوا بالسيف، فهي التي قال الله: (وكم قصمنا من قرية -إلى قوله- خامدين).
قلت: وقرى حضور معروفه الآن، بينها وبين مدينة صنعاء نحو بريد في جهة الغرب منها.
(وما خلقنا السماء والأرض وما بينهما لاعبين) أي لم نخلقهما عبثاً ولا باطلاً بل للتنبيه على أن لهما خالقاً قادراً يجب امتثال أمره، واللعب هو محط النفي وفيه إشارة إجمالية إلى تكوين العالم؛ والمراد بما بينهما سائر المخلوقات الكائنة بين السماء والأرض على اختلاف أنواعها وتباين أجناسها، والمعنى ما سوينا هذا السقف المرفوع وهذا المهاد الموضوع وما بينهما من العجائب للعب واللهو، وإنما سويناهما لفوائد منها التفكر في خلقهما وما فيهما من المنافع التي لا تعد ولا تحصى وليستدل بها على قدرة مدبرها ولنجازي المحسن والمسيء على ما تقتضيه حكمتنا، واللعبُ فعْلٌ يروقُ أَوّلُهُ وَلا ثباتَ له.
ثم نزه ذاته عن سمات النقص فقال:
(لو أردنا أن نتخذ لهواً) اللهو ما يتلهى به، تقول أهل نجد لهوت عنه ألهو لهياً، والأصل لهُوُى من باب قعد على فعول وأهل العالية لَهيت عنه ألْهَى من باب تعب ومعناه السلوان والترك، ولهوت به لهواً من باب قتل أولعت به وتلهيت به أيضاً، قال الطرطوشي: وأصل اللهو؛ الترويح عن النفس بما لا تقتضيه الحكمة وألهاني الشيء بالألف شغلني.
قيل: اللهو هنا الزوجة والولد، وقيل: الزوجة فقط، وقيل: الولد فقط، قال الجوهري: قد يكنى باللهو عن الجماع ومنه قول الشاعر:
وفيهن ملهى للصديق ومنظر
والجملة مستأنفة لتقرير مضمون ما قبلها، وجواب لو قوله: (لاتخذناه من لدنا) أي من عندنا ومن جهة قدرتنا لا من عندكم ويستثنى نقيض التالي


الصفحة التالية
Icon