وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدُونِ (٢٥) وَقَالُوا اتَّخَذَ الرَّحْمَنُ وَلَدًا سُبْحَانَهُ بَلْ عِبَادٌ مُكْرَمُونَ (٢٦) لَا يَسْبِقُونَهُ بِالْقَوْلِ وَهُمْ بِأَمْرِهِ يَعْمَلُونَ (٢٧) يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَلَا يَشْفَعُونَ إِلَّا لِمَنِ ارْتَضَى وَهُمْ مِنْ خَشْيَتِهِ مُشْفِقُونَ (٢٨) وَمَنْ يَقُلْ مِنْهُمْ إِنِّي إِلَهٌ مِنْ دُونِهِ فَذَلِكَ نَجْزِيهِ جَهَنَّمَ كَذَلِكَ نَجْزِي الظَّالِمِينَ (٢٩)
(وما أرسلنا من قبلك من رسول إلا نوحي إليه) استئناف مقرر لما أجمل قبله من كون التوحيد مما نطقت به الكتب الآلهية وأجمعت عليه الرسل، وقرئ نوحي بالنون وبالياء (أنه لا إله إلا أنا) وفي هذا تقرير لأمر التوحيد وتأكيد لما تقدم من قوله: هذا ذكر من معي.
وختم الآية بالأمر لعباده فقال: (فاعبدون) فقد اتضح لكم دليل العقل ودليل النقل، وقامت عليكم حجة الله.
(وقالوا اتخذ الرحمن ولداً) هؤلاء القائلون هم خزاعة وجهينة وبنو سلمة وبنو مليح، فإنهم قالوا الملائكة بنات الله، وقيل: هم اليهود، ويصح حمل الآية على كل من جعل لله ولداً. وقد قالت اليهود عزير ابن الله، وقالت النصارى المسيح ابن الله. وقالت طائفة من العرب: الملائكة بنات الله، ثم نزه الله سبحانه عز وجل نفسه فقال:
(سبحانه) أي تنزيهاً له عن ذلك، وهو يقول على ألسنة العباد؛ ثم أضرب عن قولهم وأبطله فقال: (بل عباد مكرمون) قرئ من الإكرام والتكريم؛ أي ليسوا كما قالوا، بل عباد الله سبحانه مكرمون بكرامته لهم مقربون عنده، والعبودية تنافي الولادة بحسب المعتاد الذي لا يتخلف عند


الصفحة التالية
Icon