سبيل إلى معرفة صفة السماوات، والأفلاك وما فيها إلا بإخبار الصادق المصدوق.
(وما جعلنا لبشر من قبلك الخلد) أي دوام البقاء في الدنيا لكونه مخالفاً للحكمة التكوينية والتشريعية (أفإن مت) بأجلك المحتوم، وقرئ مت بكسر الميم وضمها وهما لغتان.
(فهم الخالدون) قال الفراء: جاء بالفاء لتدل على الشرط لأنه جواب قولهم إن محمداً سيموت قال: ويجوز حذف الفاء وإضمارها، والمعنى إن مت فهم يموتون أيضاً فلا شماتة في الموت وكان سبب نزول هذه الآية قول المشركين فيما حكاه الله عنهم (أم يقولون: شاعر نتربص به ريب المنون).
أخرج البيهقي وغيره عن عائشة قالت: دخل أبو بكر على النبي (- ﷺ -) وقد مات فقبله، وقال وانبياه واخليلاه واصفياه ثم تلا وما جعلنا. الآية.
(كل نفس) مخلوقة فلا يراد الباري تعالى: (ذائقة الموت) أي ذائقة مرارة مفارقة جسدها فلا يبقى أحد من ذوات الأنفس المخلوقة كائناً ما كان وهذا دليل على ما أنكر من خلودهم، قيل هذا العموم مخصوص بقوله تعالى: (تعلم ما في نفسي ولا أعلم ما في نفسك) فإن الله حي لا يموت ولا يجوز عليه الموت، والذوق هاهنا عبارة عن مقدمات الموت وآلامه العظيمة قبل حلوله.
(ونبلوكم) أي نختبركم (بالشر) أي بالشدة (والخير) أي الرخاء (فتنة) مصدر لنبلوكم من غير لفظه لأن الابتلاء فتنة فكأنه قال: نفتنكم فتنة أو مفعول له أي لننظر كيف شكركم وصبركم، والمراد أنه سبحانه يعاملهم معاملة من يبلوهم فالله لا يخفى عليه شيء.
(وإلينا ترجعون) لا إلى غيرنا لا استقلالاً ولا اشتراكاً فنجازيكم بأعمالكم حسبما يظهر منكم إن خيراً فخير وإن شراً فشر، وفيه إشارة إلى أن المقصود من هذه الحياة الدنيا الابتلاء والتعريض للثواب والعقاب.


الصفحة التالية
Icon