وقيل المراد بالآيات ما دل على صدق محمد ﷺ من المعجزات، وما جعله الله له من العاقبة المحمودة، والأول أولى ويدل عليه قوله:
(ويقولون متى هذا الوعد) أي متى حصول هذا الوعد الذي تعدنا به من العذاب، قالوا ذلك على جهة الاستهزاء والسخرية، وقيل المراد بالوعد هنا القيامة (إن كنتم) يا معشر المسلمين (صادقين) في وعدكم، والخطاب للنبي ﷺ وللمؤمنين الذين يتلون الآيات القرآنية المنذرة بمجيء الساعة وقرب حضور العذاب.
(لو يعلم الذين كفروا حين) أي لو عرفوا ذلك الوقت، وقال أبو السعود: استئناف مسوق لبيان شدة هول ما يستعجلونه لجهلهم بشأنه، وإيثار صيغة المضارع في الشرط وإن كان المعنى على المضي لإفادة استمرار عدم العلم انتهى. وجواب (لو) محذوف لأنه أبلغ من الوعيد، فقدره الزمخشري لما كانوا بتلك الصفة من الكفر والاستهزاء والاستعجال، ولكن جهلهم هو الذي هوَّنه عندهم وقدره ابن عطية، ولو علموا الوقت الذي (لا يكفون) يدفعون.
(عن وجوههم النار ولا عن ظهورهم) لما استعجلوا الوعيد، وقدره الحوفي لسارعوا، وقال الزجاج: التقدير لعلموا صدق الوعد أي البعث. وقيل لو علموه ما أقاموا على الكفر. وقال الكسائي: هو تنبيه على تحقيق وقوع الساعة أي لو علموه علم يقين لعلموا أن الساعة آتية، ويدل عليه قوله الآتي:
(بل تأتيهم بغتة) وتخصيص الوجوه والظهور بالذكر بمعنى القدام والخلف لكونهما أشهر الجوانب في استلزام الإحاطة بها للإحاطة بالكل بحيث لا يقدرون على دفعها من جانب من جوانبهم.


الصفحة التالية
Icon