وتقريعهم باعتمادهم على من هو عاجز عن نفع نفسه والدفع عنها، والمعنى بل لهم آلهة تمنعهم مما يسوءهم من عذابنا، وفيه تقدير وتأخير، والتقدير أم لهم آلهة من دوننا تمنعهم. ثم وصف آلهتهم هذه التي زعموا أنها تنصرهم بما يدل على الضعف والعجز فقال:
(لا يستطيعون نصر أنفسهم) أي هم عاجزون عن نصر أنفسهم فكيف يستطيعون أن ينصروا غيرهم، فهو استئناف مقرر لما قبله من الإنكار وموضح لبطلان اعتقادهم (ولا هم) أي الكفار (منا يصحبون) أي يجارون من عذابنا قال ابن قتيبة: أي لا يجيرهم منا أحد لأن المجير صاحب الجار. والعرب تقول: صحبك الله أي حفظك وأجارك، تقول العرب أنا لك جار، وصاحب من فلان أي مجير منه، وهو اختيار الطبري.
قال المازني: هو من أصحبت الرجل إذا منعته. وقال مجاهد: يحفظون قال ابن عباس: أي لا ينصرون ولا يجارون ولا يمنعون. وقال قتادة: لا يصحبون من الله بخير ولا يجعل الله رحمته صاحباً لهم. ذكره القرطبي.
ولما أبطل كون الأصنام نافعة أضرب عن ذلك منتقلاً إلى بيان أن ما هم فيه من الخير والتمتع بالحياة العاجلة هو من الله لا من مانع يمنعهم من الهلاك ولا من ناصر ينصرهم على أسباب التمتع فقال:
(بل متعنا هؤلاء وآباءهم) يعني أهل مكة متعهم الله بما أنعم عليهم (حتى طال عليهم العمر) وامتد بهم الزمان، فاغتروا بذلك وظنوا أنهم لا يزالون كذلك؛ فرد الله سبحانه عليهم قائلاً:
(أفلا يرون) أي لا ينظرون فيرون (أنّا نأتي الأرض) أي نقصد أرض الكفر (ننقصها) بالظهور عليها (من أطرافها) فنفتحها بلداً بلداً وأرضاً بعد أرض بتسليط المسلمين عليها، وأسنده إلى نفسه تعظيما لهم. وفيه


الصفحة التالية
Icon