الأمرين واقع مجيئك بالحق؟ أم لعبك؟ وفي إيراد الشق الثاني بالجملة الاسمية الدالة على الثبات إيذان برجحانه عندهم ثم
(قال) مضرباً عما بنوا عليه مقالتهم من التقليد.
(بل ربكم رب السماوات والأرض) وقيل هو إضراب عن كونه لاعباً، بإقامة البرهان على ما ادعاه، والأول أظهر (الذي فطرهن) أي خلقهن وأبدعهن والضمير للسموات أو للتماثيل وهو أدخل في تضليلهم وإقامة الحجة عليهم لأن فيه تصريحاً بأن معبوداتهم من جملة مخلوقاته.
(وأنا على ذلكم) الذي ذكرته لكم من كون ربكم هو رب السماوات والأرض فقط دون ما عداه كائناً ما كان (من الشاهدين) أي العالمين به على سبيل الحقيقة المبرهنين عليه، فإن الشاهد على الشيء هو من كان عالماً به، مبرهناً عليه مبيناً له.
(وتالله لأكيدن أصنامكم) أخبرهم بأنه سينتقل من المحاجة باللسان إلى تغيير المنكر بالفعل ثقة بالله سبحانه ومحاماة على دينه، وهذه طريقة فعلية دالة على أنه على الحق، بعد أن أتى بطريقة قولية، فجمع بين القول والفعل، والكيد المكر، يقال كاده يكيده كيداً ومكيدة، والمراد هنا الاجتهاد في كسر الأصنام. قيل: إنه عليه السلام قال ذلك سراً، وقيل سمعه رجل منهم فأفشاه.
(بعد أن تولوا مدبرين) أي بعد أن تراجعوا من عبادتها ذاهبين منطلقين. قال المفسرون. كان لهم عيد في كل سنة يجتمعون فيه، فقالوا لإبراهيم لو خرجت معنا إلى عيدنا أعجبك ديننا، فقال إبراهيم هذه المقالة.


الصفحة التالية
Icon