على كثرة جهالاتهم واستهزاء بهم، وكان من عادتهم إذا رجعوا إليها سجدوا إليها ثم ذهبوا إلى منازلهم.
وقيل المعنى لعلهم إلى الصنم الكبير يرجعون فيسألونه عن الكاسر، لأن من شأن المعبود أن يرجع إليه في المهمات، فإذا رجعوا إليه لم يجدوا عنده خبراً، فيعلمون حينئذ أنها لا تجلب نفعاً ولا تدفع ضرراً، ولا تعلم بخير ولا شر، ولا تخبر عن الذي ينوبها من الأمر. وقيل لعلهم إلى الله يرجعون، وهو بعيد جداً
(قالوا) في الكلام حذف؛ والتقدير فلما رجعوا من عيدهم ورأوا ما حدث بآلهتهم من التكسير قالوا: (من فعل هذا بآلهتنا إنه لمن الظالمين) الاستفهام للتوبيخ والتشنيع والإنكار، وقيل (من) موصولة مبتدأ، و (إنه لمن) الخ خبره، أي فاعل هذا ظالم والأول أولى.
عن ابن مسعود قال: لما خرج قوم إبراهيم إلى عيدهم مروا عليه فقالوا يا إبراهيم ألا تخرج معنا؟ قال إني سقيم، وقد كان بالأمس قال: (تالله لأكيدن أصنامكم) الآية، فسمعه ناس منهم فلما خرجوا انطلق إلى أهله فأخذ طعاماً، ثم انطلق إلى آلهتهم فقربه إليهم فقال ألا تأكلون؟ فكسرها إلا كبيرهم؛ ثم ربط في يده الذي كسر به آلهتهم، فلما رجع القوم من عيدهم دخلوا، فإذا هم بآلهتهم قد كسرت، وإذا كبيرهم في يده الذي كسر به الأصنام، قالوا من فعل هذا بآلهتنا؟.
(قالوا) أي قال الذين سمعوا إبراهيم يقول: (وتالله لأكيدن أصنامكم) مجيبين المستفهمين لهم (سمعنا فتى يذكرهم) أي يعيبهم ويسبهم. وسمع هنا متعدية لاثنين لدخولها على ما لا يسمع، فالأول فتى والثاني جملة يذكرهم بخلاف ما لو دخلت على ما يسمع، كأن قلت سمعت كلام زيد فإنها تتعدى لواحد.
(يقال له إبراهيم) قال الزجاج: أي هو إبراهيم، فهو خبر مبتدأ


الصفحة التالية
Icon