والقائل هو النمروذ بن كنعان بن السحاريب بن نمروذ بن كوش بن حام ابن نوح. وقيل القائل رجل من أكراد فارس اسمه هينون، خسف الله به الأرض ثم قالوا: (وانصروا آلهتكم) أي انصروها بالانتقام من هذا الذي فعل بها ما فعل وبتحريفه.
(إن كنتم فاعلين) للنصر، فجمعوا له الحطب الكثير وأضرموا النار في جميعه وأوثقوا إبراهيم وجعلوه في منجنيق ورموه في النار. قاله المحلي، وكانت مدة الجمع شهراً ومدة الإيقاد سبعة أيام ومدة مكث إبراهيم في النار سبعة أيام. وفي الرازي أربعين يوماً أو خمسين، ومثله في أبي السعود، وكان وقت إلقائه فيها ابن ست عشرة سنة. وقيل ست وعشرين قاله الماوردي.
(قلنا في الكلام حذف تقديره: فأضرموا النار وذهبوا بإبراهيم إليها فعند ذلك
(قلنا يا نار كوني برداً وسلاماً) أي ذات برد وسلام؛ أي أبردي برداً غير ضار، فحذف المضاف وأقيم المضاف إليه مقامه للمبالغة.
قيل وانتصاب (سلاماً) على أنه مصدر أي وسلمنا سلاماً.
(على إبراهيم) ولو لم يقل (على إبراهيم) لما أحرقت نار ولا اتقدت، قاله أبو حيان في البحر، عن ابن عباس قال: لما جمع لإبراهيم ما جمع، وألقي في النار جعل خازن المطر يقول: متى أومر بالمطر؟ فأرسله فكان أمر الله أسرع، قال الله: (كوني برداً وسلاماً) فلم تبق في الأرض نار إلا طفئت.
وأخرج أحمد وابن ماجه وابن حبان وأبو يعلى وابن أبي حاتم والطبراني، عن عائشة أن رسول الله ﷺ قال: " إن إبراهيم حين ألقي في النار لم تكن دابة إلا تطفئ عنه النار غير الوزغ، فإنه كان ينفخ على إبراهيم، فأمر رسول الله ﷺ بقتله وهو سام أبرص " (١)،
_________
(١) الإمام أحمد ٦/ ٢٨٠ - البخاري كتاب الأنبياء باب ٨.


الصفحة التالية
Icon