أتى بلام الملك لأنها في طاعته وتحت أمره، والريح هو جسم متحرك لطيف ممتنع بلطفه من القبض عليه يظهر للحس بحركته ويخفي عن البصر بلطفه.
(عاصفة) أي شديدة الهبوب وخفيفته، يقال عصفت الريح أي اشتدت فهي ريح عاصف وعصوف (تجري بأمره) أي إن أراد أن تشتد اشتدت، وإن أراد أن تلين لانت، فهي جامعة للوصفين في وقت واحد، وهذه آية أخرى غير التسخير.
(إلى الأرض التي باركنا فيها) أي تجري منتهية إليها في رواحه من سفره، أي رجوعه منه وهي أرض الشام. عن ابن عباس قال: كان سليمان يوضع له ستمائة ألف كرسي، ثم يجيء أشراف الإنس فيجلسون مما يليه، ثم يجيء أشراف الجن فيجلسون مما يلي أشراف الإنس، ثم يدعو الطير فتظلهم، ثم يدعو الريح فتحملهم تسير مسيرة شهر في الغداة الواحدة.
(وكنا بكل شيء) وتدبيره (عالمين و) سخرنا له
(من الشياطين) أي الكافرين من الجن دون المؤمنين (من يغوصون له) في البحار ويستخرجون منها ما يطلبه منهم، والغوص النزول تحت الماء، يقال غاص في الماء، والغوّاص الذي يغوص في البحر على اللؤلؤ.
(ويعملون عملاً دون ذلك قال الفراء: أي سوى ذلك، ودون بمعنى غير وسوى لا بمعنى أقل وأدون، أي سوى الغوص كالبناء والنورة والطاحون والقوارير والصابون، لأن ذلك من استخراجهم، وقيل يراد بذلك المحاريب والتماثيل، وغير ذلك مما يسخرهم فيه.
(وكنا لهم) أي لأعمالهم (حافظين) وقال الفراء أي من أن يهربوا ويمتنعوا أو حفظناهم من أن يخرجوا عن أمره قال الزجاج: كان يحفظهم من أن يفسدون ما عملوا، وإن دأبهم أن يفسدوا بالليل ما عملوا بالنهار.