(وقل) يا محمد (عسى أن يهدين) أي يوفقني ويدلني (ربي لأقرب) أي لشيء أقرب (من هذا) أي من خبر أهل الكهف من الآيات والدلائل الدالة على نبوتي (رشداً) هداية أو إرشاداً للناس ودلالة على ذلك، وعلى الأول هو مفعول مطلق، وعلى الثاني تمييز لأقرب. قال الزجاج: عسى أن يعطيني ربي من الآيات والدلالات على النبوة ما يكون أقرب في الرشد وأدل من قصة أصحاب الكهف.
وقد فعل الله به ذلك حيث آتاه من علم غيوب المرسلين وخبرهم والحوادث النازلة في الأعصار المستقبلة إلى قيام الساعة ما كان أوضح في الحجة وأقرب إلى الرشد من خبر أصحاب الكهف. وقيل عسى أن يهديني ربي عند هذا النسيان لشيء آخر بدل هذا المنسي، وأقرب من ذلك رشداً وأدنى منه خيراً ومنفعة، والأول أولى.
(ولبثوا) أي أقاموا (في كهفهم ثلثمائة سنين) عطف بيان لثلثمائة وهذه السنون عند أهل الكتاب شمسية وتزيد القمرية عليها عند العرب تسع سنين وقد ذكرت في قوله (وازدادوا تسعاً) أي تسع سنين، فالثلثمائة الشمسية ثلثمائة وتسع قمرية، وقرئ في السبعة بالإضافة، وعليه فسنين تمييز غير أنه قليل، لأن تمييز المائة الكثير فيه الإفراد.
قال الفراء: ومن العرب من يضع سنين موضع سنة. قال أبو علي الفارسي: هذه الأعداد التي تضاف في المشهور إلى الآحاد نحو ثلثمائة رجل وثوب قد تضاف إلى المجموع، وفي مصحف عبد الله ثلثمائة سنة، وقال الأخفش: لا تكاد العرب تقول مائة سنين.
قال ابن جرير: إن بني إسرائيل اختلفوا فيما مضى لهم من المدة بعد الإعثار عليهم، فقال بعضهم إنهم لبثوا ثلثمائة سنة، وقال بعضهم لبثوا ثلثمائة وتسع سنين، فأخبر الله نبيه ﷺ أن هذه المدة في كونهم نياماً وأن ما بعد ذلك مجهول للبشر، فأمر الله أن يرد علم ذلك إليه فقال:


الصفحة التالية
Icon