بالآية الجنس الشامل لكل واحد منهما من الآيات. ثم لما ذكر سبحانه الأنبياء بين أنهم كلهم مجتمعون على التوحيد فقال:
(إن هذه أمتكم أمة واحدة) الأمة الملة وهي الدين كما قال ابن قتيبة، ومنه (إنا وجدنا آباءنا على أمة) أي على دين وملة؛ كأنه قال إن هذا دينكم دين واحد لا خلاف بين الأمم المختلفة في التوحيد، ولا يخرج عن ذلك إلا الكفرة المشركون بالله. وقيل المعنى أن هذه الشريعة التي بينتها لكم في كتابكم شريعة واحدة، وقيل المعنى أن هذه ملتكم ملة واحدة وهي ملة الإسلام. والنصب على الحال، أي أمة متفقة غير مختلفة قال ابن عباس أي أن هذا دينكم ديناً واحداً، وعن مجاهد مثله وعن قتادة نحوه.
(وأنا ربكم فاعبدون) خاصة لا تعبدوا غيري كائناً ما كان.
(وتقطعوا أمرهم بينهم) أي تفرقوا فرقاً في الدين حتى صاروا كالقطع المتفرقة. وقال الأخفش: اختلفوا فيه، وهو القول الأول. قال الأزهري: أي تفرقوا في أمرهم، فنصب أمرهم بحذف في والمقصود بالآية المشركون، ذمهم الله بمخالفة الحق واتخاذهم آلهة من دون الله. وقيل المراد جميع الخلق وأنهم جعلوا أمرهم في أديانهم قطعاً وقسموه بينهم، فهذا موحد وهذا يهودي، وهذا نصراني وهذا مجوسي وهذا عابد وثن، ثم أخبر سبحانه بأن مرجع الجميع إليه فقال:
(كل إلينا راجعون) أي كل واحد من هذه الفرق الثابت على دينه الحق، والزائغ عنه إلى غيره راجع إلينا بالبعث لا إلى غيرنا
(فمن يعمل من الصالحات) أي بعض الأعمال الصالحة كالفرائض والنوافل لا كلها، إذ لا يطيق ذلك أحد وقيل (من) زائدة (وهو مؤمن) بالله ورسله واليوم الآخر (فلا كفران لسعيه) أي لا جحود لعمله ولا بطلان لثوابه ولا تضييع لجزائه؛ بل يشكر ويثاب عليه.
والمراد نفي الجنس للمبالغة لأن نفي الماهية يستلزم نفي جميع أفرادها،