وقيل هذا مثل لعيينة بن حصن وأصحابه مع سلمان وأصحابه وانتصاب مثلاً ورجلين على أنهما مفعولا اضرب، قيل والأول هو الثاني والثاني هو الأول.
(جعلنا لأحدهما) هو الكافر (جنتين) قال السدي: الجنة البستان فكان له بستان واحد وجدار واحد وكان بينهما نهر فلذلك كانا جنتين ولذلك سماه جنة من قبل الجدار الذي عليها، وعن يحيى بن أبي عمرو الشيباني قال: نهر أبي فرطس نهر الجنتين، قال ابن أبي حاتم: وهو نهر مشهور بالرملة.
(من أعناب) بيان لما في الجنتين أي من كروم متنوعة جمع عنب والعنبة الحبة (وحففناهما بنخل) الحف الإحاطة ومنه (حافين من حول العرش) ويقال حيف القوم بفلان يحفون حفاً أي أطافوا به فمعنى الآية وجعل النخل مطيفاً بالجنتين من جميع جوانبهما وهذا مما يوثره الدهاقين في كرومهم أن يجعلوها مُوزَرَة بالأشجار المثمرة (وجعلنا بينهما) أي بين الجنتين وهو وسطهما (زرعاً) يقتات به ليكون كل واحد منهما جامعاً للأقوات والفواكه متواصل العمارة على الشكل الحسن والتركيب الأنيق.
ثم أخبر الله سبحانه عن الجنتين بأن كل واحدة منهما كانت تؤدي حملها وما فيها فقال
(كلتا الجنتين آتت أكلها) أخبر عن كلتا بآتت لأن لفظه مفرد يدل على التثنية فراعى جانب اللفظ. وقد ذهب البصريون إلى أن كلا وكلتا اسم مفرد غير مثنى. وقال الفراء: هو مثنى وهو مأخوذ من كل فخففت اللام وزيدت الألف للتثنية، وروعيت التثنية المعنوية في قوله الآتي، (وفجرنا خلالهما نهراً)، وأُكُلْها بضم الكاف وسكونها سبعيتان.
(ولم تظلم منه شيئاً) أي لم تنقص من أكلها شيئا في بعض السنين بل في كل سنة يأتي ثمرها وافياً؛ يقال ظلمه حقه أي أنقصه، ووصف الجنتين بهذه الصفة للإشعار بأنهما على خلاف ما يعتاد في سائر البساتين فإنها في الغالب تكثر في عام وتقل في عام، قال ابن عباس: لم ينقص كل شجر الجنة أطعمة.


الصفحة التالية
Icon