وأخرج أحمد من حديث أبي هريرة قال: قال لي رسول الله ﷺ " ألا أدلك على كنز من كنوز الجنة تحت العرش؟ قلت نعم، قال أن تقول لا حول ولا قوة إلا بالله " (١).
وقد ثبت في الصحيح من حديث أبي موسى أن النبي ﷺ قال له " ألا أدلك على كنز من كنوز الجنة؟ لا حول ولا قوة إلا بالله " (٢)، وقد وردت أحاديث وآثار عن السلف في فضل هذه الكلمة.
ثم لما علمه الإيمان وتفويض الأمور إلى الله سبحانه أجابه عن افتخاره بالمال والنفر فقال (إن ترن) الرؤية علمية أو بصرية (أنا أقل منك مالاً وولداً) أي لأجل ذلك تكبرت وتعظمت عليَّ ويجوز في أنا وجهان أحدهما: أن يكون مؤكد الياء المتكلم، والثاني: أنه ضمير الفصل بين المفعولين، وأقل مفعول ثان أو حال بحسب الوجهين في الرؤية، إلا أنك إذا جعلتها بصرية تعين في أنا أن يكون توكيداً لا فصلاً، لأن شرطه أن يقع بين مبتدأ وخبر، أو ما أصله المبتدأ والخبر.
وقرأ عيسى بن عمر أقلُّ بالرفع ويتعين أنا مبتدأ وأقل خبره، والجملة إما في موضع المفعول الثاني وإما في موضع الحال على ما تقدم في الرؤية، ومالاً وولداً تمييزان وجواب الشرط قوله:
_________
(١) الإمام أحمد ٥/ ١٧٢ بلفظ: " هل لك بكنز من كنوز الجنة؟ ".
(٢) مسلم ٢٧٠٤ - البخاري ١٤٢٣.
(فعسى ربي أن يؤتين) أي إن ترني أفقر منك فأنا أرجو أن يرزقني الله سبحانه جنة (خيراً من جنتك) في الدنيا أو في الآخرة أو فيهما، وفي الأول يكون الكافر أشد غيظاً وحسرة، وهذا رجاء من المؤمن وقرع على مقالة الكافر الأولى (ويرسل عليها) أي على جنتك (حُسباناً) هو مصدر بمعنى الحساب كالغفران، أي مقداراً قدره الله عليها ووقع في حسابه سبحانه وهو الْحَكَم بتخريبها قال الزجاج الحسبان من الحساب، أي يرسل عليها عذاب الحساب، وهو حساب ما كسبت يداك وهو حسن.