وقرئ ما أشهدناهم، ويؤيد الأولى (وما كنت متخذ المضلين عضداً) أي ما اعتضدت بهم بل هم كسائر الخلق، وفيه وضع الظاهر موضع المضمر إذ المراد بالمضلين من انتفى عنهم إشهاد خلق السماوات والأرض، والعضد يستعمل كثيراً في معنى العون، وذلك أن العضد قوام اليد ومنه قوله سنشد عضدك بأخيك أي سنعينك ونقويك به، ويقال لم عضدت بفلان إذا استعنت به وذكر العضد على جهة المثل وأصله العضو الذي هو من المرفق إلى الكتف ففي الكلام استعارة.
وخص المضلين بالذكر لزيادة الذم والتوبيخ والمعنى ما استعنت بهم على خلقهما ولا شاورتهم وما كنت متخذ الشياطين أو الكافرين أعواناً، ووحد العضد لموافقة الفواصل. وقرئ ما كنت على أن الخطاب للنبي صلى الله عليه وآله وسلم أي ما كنت يا محمد متخذاً لهم عضداً ولا صح لك ذلك، وفي عضد لغات أفصحها فتح العين وضم الضاد وبها قرأ الجمهور.
ثم عاد سبحانه إلى ترهيبهم بأحوال القيامة فقال
(و) اذكر (يوم يقول) الله عز وجل للكفار توبيخاً لهم وتقريعاً (نادوا شركائي الذين زعمتم) أنهم ينفعونكم ويشفعون لكم، وأضافهم سبحانه إلى نفسه جرياً على ما يعتقده المشركون تعالى الله عن ذلك علواً كبيراً (فدعوهم) أي فعلوا ما أمرهم الله به من دعاء الشركاء واستغاثوا بهم والمعنى على الاستقبال كما هو ظاهر (فلم يستجيبوا لهم) ذلك ولم ينصروهم أي لم يقع منهم مجرد الاستجابة لهم فضلاً عن أن ينفعوهم أو يدفعوا عنهم.
(وجعلنا بينهم) أي بين هؤلاء المشركين وبين من جعلوهم شركاء لله أو بين المؤمنين والكفار (موبقاً) ذكر جماعة من المفسرين أنه اسم واد عميق في جهنم فرق الله تعالى به بينهم؛ وبه قال أنس وزاد: من قيح ودم.