قَالَ سَتَجِدُنِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ صَابِرًا وَلَا أَعْصِي لَكَ أَمْرًا (٦٩) قَالَ فَإِنِ اتَّبَعْتَنِي فَلَا تَسْأَلْنِي عَنْ شَيْءٍ حَتَّى أُحْدِثَ لَكَ مِنْهُ ذِكْرًا (٧٠) فَانْطَلَقَا حَتَّى إِذَا رَكِبَا فِي السَّفِينَةِ خَرَقَهَا قَالَ أَخَرَقْتَهَا لِتُغْرِقَ أَهْلَهَا لَقَدْ جِئْتَ شَيْئًا إِمْرًا (٧١) قَالَ أَلَمْ أَقُلْ إِنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْرًا (٧٢) قَالَ لَا تُؤَاخِذْنِي بِمَا نَسِيتُ وَلَا تُرْهِقْنِي مِنْ أَمْرِي عُسْرًا (٧٣) فَانْطَلَقَا حَتَّى إِذَا لَقِيَا غُلَامًا فَقَتَلَهُ قَالَ أَقَتَلْتَ نَفْسًا زَكِيَّةً بِغَيْرِ نَفْسٍ لَقَدْ جِئْتَ شَيْئًا نُكْرًا (٧٤)
(قال) موسى للخضر (ستجدني إن شاء الله صابراً) معك ملتزماً طاعتك، وإنما استثنى لأنه لم يثق من نفسه بالصبر ولم يستثن الخضر لأنه في مقام التعليم (ولا أعصي لك أمراً) أي لا أخالفك فيما تأمرني به، والتقييد بقوله إن شاء الله شامل للصبر ونفي المعصية، وقيل أن التقييد بالمشيئة مختص بالصبر لأنه أمر مستقبل لا يدري كيف يكون حاله فيه ونفي المعصية معزوم عليه في الحال ويجاب عنه بأن الصبر ونفي المعصية متفقان في كون كل واحد منهما معزوماً عليه في الحال وفي كون كل واحد منهما لا يدرى كيف حاله فيه في المستقبل.
(قال) الخضر لموسى (فإن اتبعتني فلا تسألني عن شيء) مما تشاهد من أفعالي المخالفة لما يقتضيه ظاهر الشرع الذي بعثك الله به أي لا تفاتحني بالسؤال عن حكمته فضلاً عن المناقشة والاعتراض (حتى أحدث لك منه ذكراً) أي حتى أكون أنا المبتدئ لك بذكره وبيان وجهه وما يؤول إليه وفيه إيذان بأن كل ما صدر عنه فله حكمة وغاية حميدة البتة وهذا من أدب المتعلم مع العالم والتابع مع المتبوع وهذه الجمل المعنونة بقال وقال مستأنفات لأنها جوابات عن سؤالات مقدرة كل واحدة ينشأ السؤال عنها مما قبلها.
واعلم أنه قد رويت في قصة موسى مع الخضر المذكورة في كتاب العزيز أحاديث كثيرة وأتمها وأكملها ما روي عن ابن عباس ولكنها اختلفت في بعض