الَّذِينَ يَرِثُونَ الْفِرْدَوْسَ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ (١١) وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ مِنْ سُلَالَةٍ مِنْ طِينٍ (١٢) ثُمَّ جَعَلْنَاهُ نُطْفَةً فِي قَرَارٍ مَكِينٍ (١٣) ثُمَّ خَلَقْنَا النُّطْفَةَ عَلَقَةً فَخَلَقْنَا الْعَلَقَةَ مُضْغَةً فَخَلَقْنَا الْمُضْغَةَ عِظَامًا فَكَسَوْنَا الْعِظَامَ لَحْمًا ثُمَّ أَنْشَأْنَاهُ خَلْقًا آخَرَ فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ (١٤) ثُمَّ إِنَّكُمْ بَعْدَ ذَلِكَ لَمَيِّتُونَ (١٥) ثُمَّ إِنَّكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ تُبْعَثُونَ (١٦) وَلَقَدْ خَلَقْنَا فَوْقَكُمْ سَبْعَ طَرَائِقَ وَمَا كُنَّا عَنِ الْخَلْقِ غَافِلِينَ (١٧)
(الذين يرثون الفردوس) لغة رومية معربة، وقيل فارسية، وقيل حبشية، وقيل عربية، وهو أوسط الجنة وأعلى الجنان، كما صح تفسيره بذلك عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، والمعنى أن من عمل بما ذكر في هذه الآيات فهو الوارث الذي يرث من الجنة ذلك المكان، وهذا بيان لما يرثونه وتقييد للوراثة بعد إطلاقها وتفسير لها بعد إبهامها، وتفخيم لها ورفع لمحلها: وهي استعارة لاستحقاقهم الفردوس بأعمالهم حسبما يقتضيه الوعد الكريم للمبالغة فيه.
وقيل المعنى أنهم يرثون من الكفار منازلهم فيها حيث فرقوها على أنفسهم، لأنه سبحانه خلق لكل إنسان منزلاً في الجنة ومنزلاً في النار. وعن أبي هريرة قال: يرثون مساكنهم ومساكن إخوانهم التي أعدت لهم لو أطاعوا الله. وعنه قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " ما منكم من أحد إلا وله منزلان، منزل في الجنة ومنزل في النار، فإذا مات ودخل النار ورث أهل الجنة منزله، فذلك قوله: (أولئك هم الوارثون) (١) أخرجه ابن ماجة وسعيد بن منصور وابن جرير وابن المنذر والبيهقي وغيرهم،
_________
(١) ابن ماجة كتاب الزهد الباب ٣٩.


الصفحة التالية
Icon