الرابع: الاستدلال بأحوال الحيوانات بقوله: (وإن لكم في الأنعام لعبرة)، وأحوال الحيوان أربعة مذكورة في الآية فقال.
(ولقد) أي والله لقد (خلقنا الإنسان) أي الجنس لأنهم مخلوقون في ضمن خلق أبيهم آدم، وقيل المراد به آدم (من سلالة) فعالة من السل وهو استخراج الشيء من الشيء، والسلالة الخلاصة لأنها تسل من بين الكدر، وقيل إنما سمي التراب الذي خلق آدم منه سلالة لأنه سلّ من كل تربة، يقال: سلك الشعرة من العجين، والسيف من الغمد، فانسل فالنطفة سلالة، والولد سليل وسلالة أيضاً.
وقيل السلالة الطين إذا عصرته انسل من بين أصابعك فالذي يخرج هو السلالة قاله الكلبي، وعن ابن عباس قال: السلالة صفو الماء الرقيق الذي يكون منه الولد وعن ابن مسعود قال: إنَّ النطفة إذا وقعت في الرحم طارت في شعر وظفر، فيمكث أربعين يوماً ثم ينحدر في الرحم فيكون علقة وللتابعين في تفسير السلالة أقوال قد قدمنا الإشارة إليها أي سلالة كائنة.
(من طين) من للبيان، والمعنى أنه سبحانه خلق جوهر الإنسان أولاً من طين لأن الأصل آدم وهو من طين خالص وأولاده من طين ومني
(ثم جعلناه) أي الجنس باعتبار أفراده الذين هم بنو آدم، أو جعلنا نسله على حذف مضاف إن أريد بالإنسان آدم (نطفة) قد تقدم تفسير النطفة في سورة الحج، وكذلك تفسير العلقة والمضغة.
(في قرار مكين) المراد به الرحم وعبر عنها بالقرار الذي هو مصدر مبالغة واختلاف العواطف بـ (ثم) والفاء لتفاوت الاستحالات يعني أن بعضها مستبعد حصوله مما قبله وهو المعطوف بـ (ثم) فجعل الاستبعاد عقلاً أو رتبة بمنزلة التراخي، والبعد الحسي لأن حصول النطفة من أجزاء ترابية غريب جداً وكذا جعل النطفة البيضاء دماً أحمر بخلاف جعل الدم لحماً مشابهاً


الصفحة التالية
Icon