وَأَنْزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً بِقَدَرٍ فَأَسْكَنَّاهُ فِي الْأَرْضِ وَإِنَّا عَلَى ذَهَابٍ بِهِ لَقَادِرُونَ (١٨) فَأَنْشَأْنَا لَكُمْ بِهِ جَنَّاتٍ مِنْ نَخِيلٍ وَأَعْنَابٍ لَكُمْ فِيهَا فَوَاكِهُ كَثِيرَةٌ وَمِنْهَا تَأْكُلُونَ (١٩) وَشَجَرَةً تَخْرُجُ مِنْ طُورِ سَيْنَاءَ تَنْبُتُ بِالدُّهْنِ وَصِبْغٍ لِلْآكِلِينَ (٢٠) وَإِنَّ لَكُمْ فِي الْأَنْعَامِ لَعِبْرَةً نُسْقِيكُمْ مِمَّا فِي بُطُونِهَا وَلَكُمْ فِيهَا مَنَافِعُ كَثِيرَةٌ وَمِنْهَا تَأْكُلُونَ (٢١) وَعَلَيْهَا وَعَلَى الْفُلْكِ تُحْمَلُونَ (٢٢) وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحًا إِلَى قَوْمِهِ فَقَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ أَفَلَا تَتَّقُونَ (٢٣)
(وأنزلنا من السماء ماء) هذا من جملة ما امتنّ الله سبحانه به على خلقه، والمراد بالماء ماء المطر، فإن به حياة الأرض وما فيها من الحيوان، ومن جملة ذلك ماء الأنهار النازل من السماء، والعيون والآبار المستخرجة من الأرض، فإنّ أصلها من ماء السماء، وقيل ماء أي عذباً، وإلا فالأجاج ثابت في الأرض مع القحط، والعذب يقل مع القحط، وفي الأحاديث أن الماء كان موجوداً قبل خلق السماوات والأرض، ثم جعل الله منه في السماء ماء وفي الأرض ماء كذا في البحر.
و (من) ابتدائية وتقديمها على المفعول الصريح للاعتناء بالمقدم والتشويق إلى المؤخر والعدول عن الإضمار لأن الإنزال لا يعتبر فيه عنوان كونها طرائق بل مجرد كونها بصفة العلو.
(بقدر) أي: بتقدير منّا لاستجلاب منافعهم، ودفع مضارهم أو بمقدار ما يكون به صلاح الزرائع والثمار والشرب، فإنه لو كثر لكان به هلاك ذلك، ومثله قوله تعالى (وإن من شيء إلا عندنا خزائنه وما ننزله إلا بقدر معلوم).
(فأسكناه في الأرض) أي جعلناه ساكناً مستقراً ثابتاً فيها، بعضه على ظهرها، وبعضه في بطنها، ينتفعون به وقت حاجتهم إليه كالماء الذي يبقى في


الصفحة التالية
Icon