(فأنشأنا) أي أوجدنا (لكم به) أي بذلك الماء (جنات من نخيل وأعناب) إنما أفردهما بالذكر لكثرة منافعهما فإنهما يقومان مقام الطعام والإدام والفواكه رطباً ويابساً. وقيل اقتصر سبحانه عليهما لأنهما الموجودان في الطائف والمدينة وما يتصل بذلك، كذا قال ابن جرير. وقيل لأنهما أشرف الأشجار ثمرة وأطيبها منفعة وطعماً ولذة.
(لكم فيها) أي في هذه الجنات (فواكه كثيرة) تتفكهون بها (ومنها تأكلون) وتطعمون منها شتاء وصيفاً. وقيل: المعنى ومن هذه الجنات وجوه أرزاقكم ومعاشكم، كقولهم فلان يأكل من حرفة كذا، وهو بعيد. وقيل المعنى أن لكم فيها فواكه من غير العنب والنخيل. وقيل المعنى لكم في هذين النوعين خاصة فواكه، لأن فيهما أنواعاً مختلفة متفاوتة في الطعم واللون.
وقد اختلف أهل الفقه في لفظ الفاكهة على ماذا يطلق اختلافاً كثيراً، وأحسن ما قيل أنها تطلق على الثمرات التي يأكلها الناس، وليس بقوت لهم ولا طعام ولا إدام واختلف في البقول هل تدخل الفاكهة أم لا؟.
(وشجرة) قال الواحدي: والمفسرون كلهم يقولون: إن المراد بهذه الشجرة شجرة الزيتون، وخصت بالذكر لأنها لا يتعاهدها. أحد بالسقي، وهي التي يخرج الدهن منها، وهي أول شجرة نبتت بعد الطوفان، تعمر في الأرض كثيراً حتى قال بعضهم أنها تعمر ثلاثة آلاف سنة على ما ذكره الخازن، فذكرها الله سبحانه امتناناً منه على عباده بها، ولأنها أكرم الشجر وأعمها نفعاً وأكثرها بركة (تخرج من طور سيناء) خصت به مع أنها تخرج من غيره أيضاً لأن أصلها منه ثم نقلت إلى غيره، ذكره زكريا، وهو جبل ببيت القدس، والطور الجبل في كلام العرب، وقيل هو مما عرب من كلام العجم.
واختلف في معنى سيناء، فقيل هو الحسن باللغة الشبطية، وقيل


الصفحة التالية
Icon