الشبهة الرابعة (فتربصوا به حتى حين) أي انتظروا به حتى يستبين أمره بأن يفيق من جنونه فيترك هذه الدعوى أو حتى يموت فتستريحوا منه، وهي الشبهة الخامسة ولم يتعرض لردها لظهور فسادها.
قال الفراء: ليس يريد بالحين هنا وقتاً بعينه، إنما هو كقولهم: دعه إلى يوم ما، فلما سمع عليه السلام كلامهم وعرف تماديهم على الكفر وإصرارهم عليه.
(قال رب انصرني) عليهم فانتقم منهم بما تشاء وكيف تريد (بما كذبون) أي بسبب تكذيبهم إياي
(فأوحينا إليه) أي أرسلنا إليه رسولاً من السماء (أن اصنع الفلك) أن مفسرة لما في الوحي من معنى القول، فلا حاجة إلى جعلها مصدرية، والفلك السفينة (بأعيننا) أي بمرأى منا أو متلبساً بحفظنا وكلاءتنا، وقيل بعلمنا لئلا يتعرض له أحد ولا يفسد عليه عمله، والأولى أولى، وجمع الأعين للمبالغة، وإن كانت العادة أن الرائي له عينان فقط، وقد تقدم معنى هذا في هود.
(ووحينا) أي بأمرنا لك وتعليمنا إياك لكيفية صنعها، قيل وقد صنعها في عامين وجعل طولها ثلثمائة ذراع، وعرضها خمسين، وارتفاعها ثلاثين، وجعلها ثلاث طبقات السفلى للسباع والهوام، والوسطى للدواب والأنعام، والعليا للإنس كما مر (فإذا جاء أمرنا) الفاء لترتيب مضمون ما بعدها على ما قبلها من صنع الفلك، والمراد بالأمر الأمر بالعذاب (وفار التنور) أي أن مجيء الأمر هو فور التنور، أي تنور آدم الذي تخبز فيه حواء الصائر إلى نوح وكان من حجارة وقيل التنور وجه الأرض، واختلف في مكانه، فقيل في مسجد الكوفة، وقيل بالشام وقيل بالهند، والمعنى إذا وقع ذلك.


الصفحة التالية
Icon