يضيق صدرك بتأخير العذاب عنهم، فلكل شيء وقت شبه سبحانه ما هم فيه من الجهل بالماء الذي يغمر من دخل فيه، والغمرة في الأصل ما يغمرك ويعلوك، وأصلها الستر، والغمر الماء الكثير لأنه يغطي الأرض، وغمر الرداء هو الذي يشمل الناس بالعطاء، ويقال للحقد الغمر، والمراد هنا الحيرة والغفلة والضلالة، والآية خارجة مخرج التهديد لهم، والتسلية لرسول الله ﷺ لا مخرج الأمر له ﷺ بالكف عنهم، بل نهى له عن الاستعجال بعذابهم، والجزع من تأخيره.
ومعنى (حتى حين) حتى يحضر وقت عذابهم بالقتل، أو حتى يموتوا
على الكفر فيعذبون بالنار
(أيحسبون) الهمزة للإنكار، والجواب عنه
مقدر، يدل عليه قوله الآتي: بل لا يشعرون (أنما نمدهم به من مال
وبنين) أي ما نعطيهم في هذه الدنيا من الأموال والبنين، ونجعله مدداً
لهم.
(نسارع لهم في الخيرات) أي فيما فيه خيرهم وإكرامهم، قال الزجاج: المعنى نسارع لهم به في الخيرات فحذفت به و (ما) في (أنما) موصولة والرابط هو هذا المحذوف، وقال الكسائي: إن (أنما) هو حرف واحد فلا تحتاج إلى رابط، وقرئ يسارع بالتحتية على أن فاعله هو الإمداد أو يسارع الله لهم، وقرئ بالنون، قال الثعلبي: وهذه هي الصواب لقوله: (نمدهم) وهذه الآية حجة على المعتزلة في مسألة الأصلح، لأنهم يقولون: إن الله لا يفعل بأحد من الخلق إلا ما هو أصلح له في الدين، وقد أخبر أن ذلك ليس بخير لهم في الدين ولا أصلح.
(بل لا يشعرون) عطف على مقدر ينسحب إليه الكلام أي إضراب انتقالي عن الحسبان المستفهم عنه، استفهام تقريع، والمعنى كلا لا نفعل


الصفحة التالية
Icon