أُولَئِكَ يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَهُمْ لَهَا سَابِقُونَ (٦١) وَلَا نُكَلِّفُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا وَلَدَيْنَا كِتَابٌ يَنْطِقُ بِالْحَقِّ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ (٦٢) بَلْ قُلُوبُهُمْ فِي غَمْرَةٍ مِنْ هَذَا وَلَهُمْ أَعْمَالٌ مِنْ دُونِ ذَلِكَ هُمْ لَهَا عَامِلُونَ (٦٣) حَتَّى إِذَا أَخَذْنَا مُتْرَفِيهِمْ بِالْعَذَابِ إِذَا هُمْ يَجْأَرُونَ (٦٤) لَا تَجْأَرُوا الْيَوْمَ إِنَّكُمْ مِنَّا لَا تُنْصَرُونَ (٦٥) قَدْ كَانَتْ آيَاتِي تُتْلَى عَلَيْكُمْ فَكُنْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ تَنْكِصُونَ (٦٦) مُسْتَكْبِرِينَ بِهِ سَامِرًا تَهْجُرُونَ (٦٧)
(أولئك) أي المتصفون بهذه الصفات (يسارعون في الخيرات) أي يبادرون بها ويرغبون في الطاعات أشد الرغبة، قال الفراء والزجاج: ينافسون فيها، وقيل يسابقون وقرئ يسرعون (وهم لها سابقون) اللام للتقوية أي هم سابقون إياها، وقيل اللام بمعنى إلى كما في قوله: (إن ربك أوحى لها) أي إليها وقيل هم سابقون الناس لأجلها، والأظهر أن الضمير يعود على الخيرات لتقدمها في اللفظ، وقيل يعود على الجنة، وقيل على السعادة.
قال ابن عباس: أي سبقت لهم السعادة من الله، ثم لما انجر الكلام إلى ذكر أعمال المكلفين ذكر لها حكمين: الأول قوله:
(ولا نكلف نفساً إلا وسعها) قد تقدم بيان هذا في آخر سورة البقرة، وفي تفسير الوسع قولان، الأول: أنه الطاقة، كما فسره بذلك أهل اللغة الثاني: أنه دون الطاقة؛ وبه قال مقاتل والضحاك والكلبي والمعتزلة قالوا: إن الوسع إنما سمي وسعاً لأنه يتسع على فاعله فعله، ولا يضيق عليه، فمن لم يستطع الجلوس فليومئ إيماء ومن لم يستطع الصوم فليفطر وهذه جملة مستأنفة للتحريض على ما وصف به السابقون من فعل الطاعات المؤدي إلى نيل الكرامات ببيان سهولته، وكونه غير خارج عن حد الوسع والطاقة، وأن ذلك عادة الله سبحانه في تكليف عباده، وهو رد على من جوز تكليف ما لا يطاق.
(و) جملة (لدينا كتاب ينطق بالحق) من تمام ما قبلها من نفي


الصفحة التالية
Icon