أي أن لهم أعمالاً مضادة ومخالفة لأوصاف المؤمنين، وقيل الإشارة بقوله: ذلك إما إلى أعمال المؤمنين، أو إلى أعمال الكفار أي لهم أعمال من دون أعمال المؤمنين، التي ذكرها الله، أو من دون أعمال الكفار التي تقدم ذكرها من كون قلوبهم في غفلة عظيمة مما ذكر، وهي فنون كفرهم ومعاصيهم التي من جملتها ما سيأتي من طعنهم في القرآن.
قال الواحدي: إجماع المفسرين وأصحاب المعاني على أن هذا إخبار عما سيعملونها من أعمالهم الخبيثة؛ التي كتبت عليهم لا بد لهم أن يعملوها وجملة (هم لها عاملون) مقررة لما قبلها أي واجب عليهم أن يعملوها فيدخلوا بها النار لما سبق لهم في الأزل من الشقاوة لا محيص لهم عن ذلك أي مستمرون عليها؛ ثم رجع سبحانه إلى وصف الكفار فقال:
(حتى) ابتدائية أو حرف جر أو غائية عاطفة، أقوال (إذا أخذنا مترفيهم بالعذاب إذا هم يجأرون) مبينة لما قبلها، والضمير راجع إلى ما تقدم ذكره من الكفار، والمراد بالمترفين المتنعمون منهم وهم الذين أمدهم الله بما تقدم ذكره من المال والبنين أو المراد بهم الرؤساء منهم، والمراد بالعذاب هو عذابهم بالسيف يوم بدر، أو بالجوع بدعاء النبي (- ﷺ -) عليهم حيث قال: " اللهم اشدد وطأتك على مضر، واجعلها عليهم سنين كسني يوسف " (١).
وقيل المراد عذاب الآخرة ورجح هذا بأن ما يقع منهم من الجؤار إنما يكون عند عذاب الآخرة لأنه الاستغاثة بالله، ولم يقع منهم ذلك يوم بدر ولا في سني الجوع، ويجاب عنه بأن الجؤار في اللغة الصراخ والصياح.
قال الجوهري: الجؤار مثل الخوار، يقال: جأر الثور يجأر أي صاح وقد وقع منهم ومن أهلهم وأولادهم عند أن عذبوا بالسيف يوم بدر، وبالجوع
_________
(١) مسلم ٦٧٥ - البخاري ٤٨٣.


الصفحة التالية
Icon