أَفَلَمْ يَدَّبَّرُوا الْقَوْلَ أَمْ جَاءَهُمْ مَا لَمْ يَأْتِ آبَاءَهُمُ الْأَوَّلِينَ (٦٨) أَمْ لَمْ يَعْرِفُوا رَسُولَهُمْ فَهُمْ لَهُ مُنْكِرُونَ (٦٩) أَمْ يَقُولُونَ بِهِ جِنَّةٌ بَلْ جَاءَهُمْ بِالْحَقِّ وَأَكْثَرُهُمْ لِلْحَقِّ كَارِهُونَ (٧٠) وَلَوِ اتَّبَعَ الْحَقُّ أَهْوَاءَهُمْ لَفَسَدَتِ السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ وَمَنْ فِيهِنَّ بَلْ أَتَيْنَاهُمْ بِذِكْرِهِمْ فَهُمْ عَنْ ذِكْرِهِمْ مُعْرِضُونَ (٧١) أَمْ تَسْأَلُهُمْ خَرْجًا فَخَرَاجُ رَبِّكَ خَيْرٌ وَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ (٧٢) وَإِنَّكَ لَتَدْعُوهُمْ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ (٧٣) وَإِنَّ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ عَنِ الصِّرَاطِ لَنَاكِبُونَ (٧٤)
(أفلم يدبّروا القول) بين سبحانه أن سبب إقدامهم على الكفر هو أحد هذه الأمور الأربعة:
الأول: عدم التدبر في القرآن، فإنهم لو تدبروا معانيه لظهر لهم صدقه وآمنوا به وبما فيه، والهمزة للإنكار والفاء للعطف على مقدر، أي فعلوا ما فعلوا فلم يتدبروا، والمراد بالقول القرآن. ومثله (أفلا يتدبرون القرآن).
والثاني قوله: (أم جاءهم ما لم يأت آباءهم الأولين) أم هي المنقطعة، أي بل أجاءهم من الكتاب فكان ذلك سبباً لاستكبارهم للقرآن، والمقصود تقرير أنه لم يأت آباءَهم الأولين رسول فلذلك أنكروه ومثله قوله: (لتنذر قوماً ما أنذر آباؤهم). وقيل إنه أتى آباءهم الأقدمين رسل، أرسل الله إليهم كما هي سنة الله سبحانه في إرسال الرسل إلى عباده، فقد عرف هؤلاء ذلك، فكيف كذبوا هذا القرآن؟ وقيل المعنى أم جاءهم من الأمن من عذاب الله ما لم يأت آباءهم الأولين كإسماعيل ومن بعده.
والثالث قوله:
(أم لم يعرفوا رسولهم فهم له منكرون) وفي هذا إضراب وانتقال من التوبيخ بما تقدم إلى التوبيخ بوجه آخر، أي بل ألم يعرفوه بالأمانة والصدق فأنكروه، ومعلوم أنهم قد عرفوه بذلك، عن أبي صالح قال: عرفوه ولكنهم حسدوه.


الصفحة التالية
Icon