(أم) منقطعة، والمعنى لكنهم يزعمون أنك (تسألهم خرجاً) تأخذه على الرسالة، والخرج الأجر والجعل، فتركوا الإيمان بك وبما جئت به لأجل ذلك مع أنهم يعلمون أنك لم تسألهم ذلك ولا طلبته منهم (فخراج) أي فرزق (ربّك) الذي يرزقك في الدنيا وأجره الذي يعطيك في الآخرة (خير) لك وقرئ خراجاً، والخرج هو الذي يكون مقابلاً للدخل، يقال لكل ما تخرجه إلى غيرك خرجاً، والخراج غالب في الضريبة على الأرض. قال المبرّد: الخرج المصدر والخراج الاسم.
وقال أبو عمرو بن العلاء: الخراج ما لزمك والخرج ما تبرعت به، وروي عنه أيضاً الخرج من الرقاب والخراج من الأرض، فالخرج أخص من الخراج، تقول خراج القرية وخرج الكوفة، فزيادة اللفظ لزيادة المعنى.
(وهو خير الرازقين) أي أفضل المعطين، والجملة مقررة لما قبلها من كون خراجه سبحانه خيراً، ثم لما أثبت سبحانه لرسوله من الأدلة الواضحة المقتضية لقبول ما جاء به ونفي عنه أضداد ذلك قال:
(وإنّك لتدعوهم إلى صراط مستقيم) أي إلى طريق واضحة تشهد العقول بأنها مستقيمة غير معوجة، والصراط في اللغة الطريق، فسمي الدين طريقاً لأنها تؤدى إليه، ثم وصفهم سبحانه بأنهم على خلاف ذلك فقال:
(وإنّ الذين لا يؤمنون بالآخرة عن الصراط لناكبون) يقال نكب عن الطريق ينكب نكوباً إذا عدل عنه ومال إلى غيره، والنكوب والنكب العدول والميل، ومنه النكباء للريح بين ريحين، سميت بذلك لعدولها عن المهاب، والمعنى أن هؤلاء الموصوفين بعدم الإيمان بالآخرة، أي البعث والثواب والعقاب، لعادلون عن صراط أو عن جنس الصراط، ثم بين سبحانه أنهم مصرّون على الكفر لا يرجعون عنه بحال فقال: