(وليشهد عذابهما) أي لتحضر الجلد إذا أقيم عليهما زيادة في التنكيل بهما وشيوع العار عليهما واشتهار فضيحتهما (طائفة من المؤمنين) ندباً، والطائفة الفرقة التي تكون حافة حول الشيء من الطوف، وأقلها ثلاثة، لأنه أقل الجمع، وقيل اثنان. قاله عكرمة. وقيل واحد. قاله مجاهد. وقيل أربعة لأنهم عدد شهود الزنا. وقيل عشرة.
قال ابن عباس: الطائفة الرجل فما فوقه، ولا يجب على الإمام حضور رجم، ولا على الشهود، لأنه ﷺ أمر برجم ماعز والغامدية ولم يحضر رجمهما، وإنما خص المؤمنين بالحضور لأن ذلك أفضح، والفاسق بين صلحاء قومه أخجل، وتسمية الجلد عذاباً دليل على أنه عقوبة، ثم ذكر سبحانه شيئاً يختص بالزاني والزانية فقال:
(الزاني لا ينكح إلا زانية أو مشركة والزانية لا ينكحها إلا زان أو مشرك) يعني أن الغالب أن المائل إلى الزنا لا يرغب في نكاح الصوالح، والثانية لا يرغب فيها الصلحاء، فإن المشاكلة علة الألفة والتضامّ، والمخالفة سبب للنفرة والافتراق وقد اختلف أهل العلم في معنى هذه الآية على أقوال: الأول: إن المقصود منها تشنيع الزنا وتشنيع أهله، وأنه محرم على المؤمنين، ويكون معنى (الزاني لا ينكح إلا زانية) الوطء لا العقد، أي الزاني لا يزني إلا بزانية والزانية لا تزني إلا بزان، وزاد ذكر المشركة والمشرك، لكون الشرك أعم في المعاصي من الزنا.
وردّ هذا الزجاج وقال: لا يعرف النكاح في كتاب الله إلا بمعنى التزويج، ويردّ هذا الرد بأن النكاح بمعنى الوطء ثابت في كتاب الله سبحانه. ومنه قول: (حتى تنكح زوجاً غيره) فقد بينه النبي ﷺ بأن المراد به الوطء. ومن جملة القائلين بأن معنى الآية الزاني لا يزني إلا بزانية سعيد بن جبير وابن عباس وعكرمة، كما حكاه ابن جرير عنهم وعن ابن


الصفحة التالية
Icon