شك أن هذا الاستثناء يرجع إلى الجميع، قال الزجاج: وليس القاذف بأشد جرماً من الكافر فحقه إذا تاب وأصلح أن تقبل شهادته قال وقوله: (أبداً) أي ما دام قاذفاً كما يقال: لا تقبل شهادة الكافر أبداً، فإن معناه ما دام كافراً انتهى.
وعن ابن عباس في الآية قال: تاب الله عليهم من الفسوق، وأما الشهادة فلا تجوز وعن عمر بن الخطاب أنه قال لأبي بكرة: إن تبت قبلت شهادتك وعنه قال: توبتهم إكذابهم أنفسهم، فإن أكذبوا أنفسهم قبلت شهادتهم، وعن ابن عباس أيضاً قال: من تاب وأصلح فشهادته في كتاب الله تقبل.
وفي الباب روايات عن التابعين وقصة المغيرة في خلافة عمر مروية من طرق معروفة، وأخرج البخاري والترمذي وابن ماجة عن ابن عباس أن هلال بن أمية قذف امرأته عند النبي ﷺ بشريك بن سحماء، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: " البينة وإلا حد في ظهرك "، فقال: يا رسول الله إذا رأى أحدنا على امرأته رجلاً ينطلق يلتمس البينة؟ فجعل النبي ﷺ يقول: " البينة وإلا حد في ظهرك "، فقال هلال: والذي بعثك بالحق إني لصادق، ولينزلن الله ما يبرئ ظهري من الحد ونزل جبريل فأنزل عليه
(والذين يرمون أزواجهم) حتى بلغ (إن كان من الصادقين) فانصرف النبي ﷺ فأرسل إليهما فجاء هلال فشهد، والنبي ﷺ يقول: " الله يعلم أن أحدكما لكاذب فهل منكما تائب؟ " ثم قامت فشهدت فلما كانت عند الخامسة وقفوها وقالوا أنها موجبة، فتلكأت ونكصت حتى ظننا أنها ترجع، ثم قالت: لا أفضح قومي سائر اليوم، فمضت فقال النبي صلى الله عليه وسلم: " أبصروها فإن جاءت به أكحل العينين سابغ الأليتين خدلج (١) الساقين فهو لشريك بن سحماء
_________
(١) خدلج: ممتلىء لحماً.


الصفحة التالية
Icon