شر فيه فهو الجنة، والشر الذي لا خير فيه فهو النار. ووجه كونه خيراً لهم أنه يحصل لهم به الثواب العظيم مع بيان براءة أم المؤمنين عائشة، وصيرورة قصتها هذه شرعاً عاماً، وهذا غاية الشرف والفضل، وفيه تهويل الوعيد لمن تكلم فيهم، والثناء على من ظن بهم خيراً.
(لكل امرئ منهم) أي من العصبة الكاذبة (ما اكتسب من الإثم) بسبب تكلمه بالإفك (والذي تولى) أي تحمل (كبره) أي معظمه (منهم) فبدأ بالخوض فيه وأشاعه وهو ابن أبيّ، قرأ جماعة بضم الكاف. قال الفراء: وهو وجه جيد، لأن العرب تقول: فلان تولى عظم كذا وكذا، أي أكبره. وقرئ بكسرها. قيل هما لغتان. وقيل هو بالضم معظم الإفك وبالكسر البداءة به، وقيل هو بالكسر الإثم.
فالمعنى أن الذي تولى معظم الإفك من العصبة (له عذاب عظيم) في الدنيا أو في الآخرة أو فيهما، واختلف في هذا الذي تولى كبره من عصبة الإفك من هو منهم، فقيل هو عبد الله بن أُبي، وقيل هو حسان والأول هو الصحيح، وقد روى محمد بن إسحاق وغيره أن النبي ﷺ جلد في الإفك رجلين وامرأة، وهم مسطح بن أثاثة وحسان بن ثابت وحمنة بنت جحش، وقيل جلد عبد الله بن أبيّ وحسان وحمنة ولم يجلد مسطحاً لأنه لم يصرح بالقذف، ولكن كان يسمع ويشيع من غير تصريح، وقيل لم يجلد أحداً منهم.
قال القرطبي: المشهور من الأخبار والمعروف عند العلماء أن الذين حُدّوا حسان ومسطح وحمنة ولم يسمع بحد لعبد الله بن أُبَيّ.
ويؤيد هذا ما في سنن أبي داود عن عائشة قالت: لما نزل عذرى قام النبي ﷺ فذكر ذلك وتلا القرآن، فلما نزل من المنبر أمر بالرجلين والمرأة فضربوا حدّهم، وسماهم حسان ومسطح وحمنة، واختلفوا في وجه تركه ﷺ لجلد عبد الله بن أبيّ، فقيل لتوفير العذاب


الصفحة التالية
Icon